133

وندع ما عدا ذلك من أكاذيب السياسة التي يجريها مجرى الوقائع المسلمة.

فعنده أن الإنجليز تدخلوا في السودان؛ لأن مصر فزعت إليهم وتوسلت إليهم أن ينقذوها من ورطتها في الجنوب.

وأجهل المؤرخين المعاصرين مرة أخرى يعلم أن الإنجليز أكرهوا مصر على «الفزع»، وأسقطوا وزيرا؛ لأنه لم يقبل أن يفزع كما أرادوا.

إلا أننا - بعد هذه الأباطيل - نحمد الله على اليوم الذي دخلت فيه أفريقيا في حساب كتاب الغرب، فكتبوا عنها كما يكتبون عن قارات الدول القوية، بل زادوا في نصيبها على نصيب تلك القارات؛ لأن كتاب جنتر عن القارة «المجهولة» أضخم وأهم من كتبه الأخرى.

لقد كانت هذه القارة مجموعة من الملحقات بإنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال، وكل من مد يديه لإلحاق القسم المتفق عليه من أقسامها، أو من أشلائها.

فاليوم هي «كيان» مقصود لذاته، غير محسوب على سادته، يبحثون عن مستقبله من داخله ولا يكفيهم أن يبحثوا عنه في لندن وباريس وبرلين، وغيرها من عواصم السادة المستعمرين.

دهشة أخرى1

الآن أدهشنا الدكتور «إمام إبراهيم أحمد» بعد أن أراد أن يدهشنا في المرة الأولى فأخطأه الهدف.

أراد أن يدهشنا بخبر عن «إراتستين» وهو لا يعلم أن العلامة الفلكي القديم «بلدينا» على وجه من الوجوه، وأننا جلسنا حيث كان يجلس ونظرنا على التحقيق إلى مساقط الأشعة الشمسية حيث كان ينظر إليها، وسمعنا بقصته قبل أربعين سنة، وكتبنا عنه قبل ثلاثين سنة، وتتبعنا ما يقال عنه وعن نظريته؛ فليس فيها ما يدهشنا في هذا الزمن الذي لا ندري هل تقل فيه المدهشات أو تكثر، وهل تنقص أو تزيد.

أما الآن فالدكتور الفاضل يعوض ما فاته ويدهشنا على غير قصد منه، دهشة تستحق تعب السطور التي كتبها والتي نكتبها في الإشادة بها والإشارة إليها.

Halaman tidak diketahui