إنهم يشعرون بغواية الشهوات والموبقات ويشعرون بالعوائق التي تصدهم عنها من جانب الدين، فيمرقون عن الدين ذهابا مع الشعور بالمنعة، والشعور بالانطلاق، أو الشعور بالفوضى والتمرد على الأوامر والنواهي والمحرمات والمحللات.
ومن الناس من يكفر بالله على سبيل التحدي والمناجزة؛ لأنه يحسب أن الله يحابي ذوي النعمة والجاه، ويريد أن يثور على هذه المحاباة فيجعلها ثورة في صورة الإنكار والإلحاد.
ومن الناس من يهديه الفكر وحده إلى الإيمان؛ لأن الفكر لا يناقض الإيمان بطبيعته، بل يمشي معه في طريقه، ولكنه لا يستطيع أن يبلغ الغاية من هذا الطريق؛ إذ كان الفكر محدودا والغاية من هذا الطريق بغير حدود.
والحياة ليست على الحياد
والحياة، بعد، ليست على الحياد بين هذه الموجودات، كائنا ما كان وضعها من التقابل أو التعادل.
الحياة على الدوام خروج على الحياد إلى جانب من الجوانب ، وقدرة تقاوم دواعي التعادل إذا اقتضى الحال، وكثيرا ما يقتضيه.
مثال ذلك حرارة الجسم وحرارة الهواء.
إذا تساوت حرارة الجسم وحرارة الجو فلا حاجة إلى وقاية من الملبس أو المسكن.
ولكن الحياة تخرج دائما على الحياد لتزيد هنا أو تنقض هناك، ولولا هذا الخروج على الحياد، لما كانت الملابس ولا المساكن ولا المناجم ولا العلوم التي تعنى بخصائص المواد والتوفيق بين درجات الحرارة ومطالب الحياة.
والمثل الذي ضربه الأستاذ توفيق للتعادل من دوران الأرض حول الشمس أو ضياعها في أجواز الفضاء، إنه لو كان مثلا للحياد بين قوتين لأصيبت الأرض والشمس بالشلل، ولم تتحرك هذه ولا تلك بانتظام ولا بغير انتظام.
Halaman tidak diketahui