قال في الصفحة السابعة عشرة إن الأرض «كرة تعيش بالتوازن أو التعادل بينها وبين كرة أضخم هي الشمس ... فإذا اختل هذا التعادل ابتلعتها الشمس أو ضاعت في الفضاء ... التعادل إذن هو الحقيقة الأولى لحياة الأرض، فهل صفة التعادل هي أيضا الأولى في كيان الإنسان؟ فلننظر أولا كيف يعيش الإنسان من حيث هو كائن مادي، إنه يعيش طبعا بالتنفس، ما هو التنفس؟ هو حركة تعادل بين الشهيق والزفير، فإذا اختل هذا التعادل بأن طال الشهيق أكثر مما ينبغي طاغيا على الزفير، أو امتد الزفير أكثر مما ينبغي جائرا على الشهيق؛ وقفت حياة الإنسان. فإذا تركنا التركيب المادي إلى التركيب الروحي وجدنا عين القانون، فالتركيب الروحي للإنسان له هو أيضا شهيقه وزفيره فيما يمكن أن نسميه الفكر والشعور، أو بعبارة أخرى العقل والقلب، والحياة الروحية السليمة هي أيضا تعادل بين الفكر والشعور.»
بين الرصيفين
تلك هي خلاصة «الفلسفة التعادلية» التي يدين بها الحكيم الكاتب، والحكيم الحكيم.
ويبدو لنا أن الأستاذ دخل في البحث بهذه الفكرة، ولم يخرج بها بعد البحث في هذا الكتاب على الأقل: كتاب التعادلية.
ومن الجائز أن الأستاذ - في حياته الفكرية - بحث ثم انتهى إلى هذه الفكرة، وأخذ بالمقدمات زمنا طويلا ثم استطرد منها إلى النتائج في خاتمة المطاف.
ولكنه في الكتاب قد طرق الباب وفكرة «التعادل» معه على الباب.
ونحن نؤمن برسالة الفن في توضيح الأفكار، ونؤمن بأن التصوير الفكاهي - أو الكاريكاتور - هو خير وسيلة لإبراز فكرة تحتاج إلى الإبراز.
ولهذا نعمد إلى هذا التصوير، الكاريكاتوري، لنقول إن السلامة في رأي صديقنا الفيلسوف هي السير في وسط الطريق بين الرصيفين.
لا على الرصيف الأيمن ولا على الرصيف الأيسر، بل في مكان متعادل بين الرصيفين.
ولا بد من الاستعداد قبل ذلك بنمرة الإسعاف!
Halaman tidak diketahui