فقلت بوضوح: وأنا مصر عليها.
وفصل بيننا صمت أثقل من الليل الزاحف. انسحب كلانا إلى داخل ذاته، وباعد اليأس ما بيننا إلى ما لا نهاية، حتى فقد مجلسنا أي معنى. وقامت متثاقلة وهي تقول: لا وجه لبقائي هنا.
فقمت ضامر الحيوية، كأننا غريبان سيذهب كل إلى وطنه، ولا شيء أقوى من الحب إلا الألم. تخايلت لعيني الوحدة المتربصة بي في نهاية الطريق، وطوال الطريق لم نتبادل كلمة ولا تحية عند الفراق داخل العمارة القديمة. وجدت والدي في حجرتهما وجدي وحيدا أمام التليفزيون. جلست على مقربة منه، فنظر نحوي بتوجس واستطلاع، ثم قال وكأنما يهرب من أفكاره: فيلم عن امرأة مجنونة، لم أحبه.
فجاريته متسائلا: ولم ترى ما لا تحبه؟ - في القناة الأخرى خطبة. - ولم لا تغلقه؟ - هو خير من لا شيء.
فقلت: الخطبة فسخت.
وجم وتجلى في عينيه الخابيتين الهم ثم غمغم: أعانك الله على بلواك.
فقلت بجفاء: فسخت وانتهى الأمر.
فقال بأسى: لدي شعور بالذنب.
فقلت بصوت بارد: لا ذنب لك يا جدي.
رندة سليمان مبارك
Halaman tidak diketahui