82

Hari Islam

يوم الإسلام

Genre-genre

ويقول الكاتب إن المسلمين يتمتعون في المستعمرات الإنجليزية بالحرية الدينية، وستكون الهند مصدرا لمدنية آسيا، ومصر منبعا لحياة ما يجاورها من آسيا وأفريقيا، وهو مع هذا ينسب إلى قومه الإنجليز التقصير في القيام بمصالح المسلمين، ويثبت لهم أن مستقبل بريطانيا مرتبط بمستقبل المسلمين، ومصالحهم مقرونة بمصالحهم. ويقول إن الإنجليز ارتكبوا هفوات مع المسلمين جهلا وغرورا، وقال إن الواسطة الوحيدة لتمكين سلطتنا في آسيا وأفريقيا هي أن نبذل جهدنا في إفهام المسلمين أن مصالحهم الدينية والسياسية مرتبطة بمصالحنا، ويجب إفهامهم أن كثيرا من معتقداتهم التي يحسبونها من الدين ليست منه، ولا جاء بها كتابهم. ويقول السيد أمير علي أحد نبهاء المسلمين في الهند: إن سبب تأخر المسلمين وبقائهم على ما هم عليه من التأخر يرجع في الغالب إلى ما رسخ في أذهانهم من أنهم لا حق لهم في استعمال عقولهم في فهم دينهم؛ لأن ذلك قد انتهى بانقراض المجتهدين الأولين، وصار الاجتهاد بعدهم محرما، وأن المسلم لا يكون مسلما صادقا إلا إذا كان مقلدا لمذهب من المذاهب المعروفة، فيترك المسلم ما يعتقد وما يفهم، ويتمسك بتفسير أهل القرن التاسع من الفقهاء، غير ملتفت إلى الآراء والأفكار التي وصل إليها العالم في القرن التاسع عشر. وختم مقاله بالثناء على الإسلام، ونقل أقوال ثقات الحكماء والعلماء الغربيين في مدحه، وأجاب عن الاعتراضات المشهورة عليه بأجوبة حسنة.

وفي الحق ماذا يمنع الإسلام من ترقية أهله وأخذهم بأسباب المدنية الحديثة؟ وإن أركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، فأي من هذه الأركان تعوق تقدم المسلمين؟! إن شهادة «لا إله إلا الله» تكسبهم العزة كما بينا، وإقامة الصلاة تطهر قلوبهم، وإيتاء الزكاة يقرب بين الفقراء والأغنياء. وصوم رمضان يفهمهم آلام البؤساء، وحج البيت مؤتمر عام للمسلمين يمكن قادتهم من أن يتداولوا المشاكل الحاضرة للمسلمين، وكيف يحلونها.

إن الإسلام يأمر بالنظر العقلي، ويوفق بين العقل والنقل، ويأمر أتباعه بالنظر في سنن الله في الكون، بينما النصرانية بعيدة عن هذا كله؛ فأركانها هي: الإيمان بالمعجزات، بينما المعتزلة من المسلمين مثلا أنكرت كل المعجزات ما عدا إعجاز القرآن، ومع ذلك بقيت على إسلامها، واعتمدت الأناجيل على صدق المسيح بخوارق العادات من إحياء الموتى، وإبراء الأكمة والأبرص، ونحو ذلك. والركن الثاني سلطة الرؤساء؛ فما يربطونه في الأرض يربط في السماء، وما يحلونه في الأرض يحل في السماء. قال أحد مطارنة «رانس» أيام القرون الوسطى: «أيها التبع، الزموا - كما قال الرسول - الخضوع في كل حين لأسيادكم، ولا تنتحلوا الأعذار من قسوتهم أو بخلهم. الزموا الخضوع - كما قال الرسول - لا للخيرين ولا للمعتدلين من الأسياد فحسب، بل ولأولئك الذين ليسوا كذلك. إن الكنيسة لتصب اللعنة على أولئك الذين يدفعون التبع إلى عدم الطاعة واصطناع وسائل التحايل، وهي تصبها من باب أولى على أولئك الذين يعلمونهم المقاومة السافرة.» «إن الله نفسه قد أراد أن يكون بين البشر سادة وتبع؛ حتى يلزم الأسياد تبجيل الإله وحبهم له، ويلزم التبع تمجيد أسيادهم وحبهم لهم»، وذلك وفقا لما قال الرسول عندما صاح: «أيها التبع، أطيعوا أسيادكم الزمنيين في خوف ورعب.» بينما الإسلام لا يجعل واسطة بين العبد وربه فالرؤساء كباقي الأفراد لا ميزة لهم ولا زلفى عند الله. والركن الثالث في النصرانية التجرد من الدنيا والزهد فيها، وكلما كان الإنسان أزهد في الدنيا كان أقرب إلى الله، فالمدنية الحديثة إذا ليست مسيحية في هذا المعنى بل هي مدنية ضد المسيحية. على أن الإسلام يأمر بمراعاة الدين والدنيا جميعا، فيقول القرآن:

قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق .

والأصل الرابع في النصرانية الإيمان بما هو فوق العقل. قال القديس أنسلم: يجب أن تعتقد أولا بما يعرض على قلبك بدون نظر ثم اجتهد بعد ذلك.

واعترض قوم على الإسلام بأنه متعصب لا يتسامح، مع أن التسامح فيه أكثر من النصرانية؛ فلم يعرف في الإسلام محكمة كمحكمة التفتيش ولا نحو ذلك. ونعني بالتسامح الديني أن يكون لكل فرد في الأمة حق في أن يعتقد ما يراه حقا، وأن تكون له الحرية في تأدية شعائر دينه كما يشاء، وأن يكون أهل الأديان المختلفة أمام قوانين الدولة سواء. ولننظر إلى الإسلام في ضوء هذا التعريف؛ نجد أنه من حيث مبادؤه وتعاليمه الأصلية هو أرقى الأديان في تحقيق هذه المبادئ. والباحث في التسامح الديني في الإسلام مضطر أن ينظر إليه من ناحيتين: ناحية المذاهب المختلفة في الإسلام نفسه، وناحية نظرة الإسلام لأهل الأديان الأخرى.

فأما الناحية الأولى؛ فالمسلمون في عهد نزول القرآن - أي عهد النبي

صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا إلا مذهبا واحدا، ولذلك لا تتوقع أن يكون في القرآن نفسه نص على التعامل بين المذاهب الإسلامية المختلفة. قد يكون هناك بينهم اختلاف في الاجتهاد أو اختلاف في تطبيق المبادئ الإسلامية، ولكن لم يتعد هذا أن يكون في مسائل جزئية لا ينطبق عليها كلمة مذهب. وهناك أقوال مأثورة تدعو إلى التسامح مثل ما شاع بين المسلمين: اختلاف أمتي رحمة؛ وكان هذا سببا في سعة الصدر بين أهل المذاهب المختلفة من حنفي وشافعي ومالكي إلخ. ومثل ما روي عن الشافعي من قوله: «مذهبي صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب» وهو قول لطيف يدل أيضا على قدر كبير من التسامح. ومن هذا القبيل أيضا ما شاع بين المسلمين من قولهم: «لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب غير مستحل» أي لا يكفر مسلم بارتكابه ذنبا ما دام غير مستحل له، وأولى من ذلك أنه مهما اختلف المسلمون في المذاهب والآراء والأقوال فيما هو محل للاجتهاد والنظر فلا يصح أن يكفر أحد منهم.

أما نظر الإسلام إلى الأديان الأخرى فهو نظر سمح، فقد سمى اليهود والنصارى أهل كتاب، وسماهم أهل ذمة، وهما تسميتان في منتهى اللطف. والآيات التي وردت في القرآن في أهل الكتاب تدل على قدر كبير من التسامح خصوصا في العهد المكي، فيظهر أن اليهود والنصارى قابلوا الإسلام في العهد المكي بشيء من حسن الاستقبال؛ فكان القرآن في ذلك العهد سمحا كريما، وقد بني في أساسه على أن القرآن يؤيد الكتب السماوية الأخرى، ويتفق معها في أغراضها، وأن الشريعة الإسلامية وارثة لما قبلها ومكملة لتعاليمها:

والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ،

Halaman tidak diketahui