44

Hari Islam

يوم الإسلام

Genre-genre

كان العرب يحكمون مملكة واسعة أكبر من المملكة الرومانية، تمتد من حدود الصين إلى شلالات النيل السفلى، ومن الجنوب الغربي في أوروبا حتى غربي آسيا وأواسطها، وعاصمة هذه المملكة دمشق. كما استطاعوا أن يغيروا أكبر مظهرين من مظاهر المملكة، وهما: تحويل الدواوين إلى عربية، وتخلصهم من الدخلاء الذين كانوا يضطرون إليهم في تدوين الدواوين. والثاني صك النقود. وقد ظلوا طوال هذه العهود يتعاملون بالنقود الرومانية والفارسية، فلما اطمأنوا واتسع ملكهم بدءوا يصكون نقودهم بأنفسهم، وبذلك أصبحت هذه المملكة الواسعة مملكة بمعنى الكلمة، وقد بلغت هذه المملكة أقصى سعتها في هذا العصر الأموي ثم أخذت تنشق قليلا قليلا في العصر العباسي وفيما بعد ذلك من عصور.

وبمعاوية انتقل الأمر من خلافة إلى ملك عضود. والفرق بينهما أن الخلافة أساسها اقتفاء أثر الرسول

صلى الله عليه وسلم ، والاعتماد في حل المشاكل على شورى أهل الحل والعقد، واختيار الخليفة منهم حسب ما يرون أنه الأصلح. أما الملك فيشبه الملوك الأقدمين من فرس وروم، واستبداد بالرأي، وقصر الخلافة على الأبناء أو الأقرباء ولو لم يكونوا صالحين لذلك، وهذا كله ما فعله معاوية. ونموذج الخلافة ما قاله الأعرابي لعمر: «لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا» ونموذج الملك ما قاله عبد الملك بن مروان: «من قال بلسانه هكذا قلنا بسيفنا هكذا.» والحق أن معاوية ساد الناس بالغلبة لا بالاختيار، ثم استبد بتسيير الأمور.

ثم عهد بالخلافة إلى ابنه يزيد ولو لم يكن أكفأ الناس، ثم ساس الناس سياسة ميكيافيلية استبدادية لا عهد للناس بها من قبل، وجرى المسلمون بعد ذلك على أثره من بيت عباسي بعد بيت أموي وهكذا. وضاع معنى الخلافة التي سار عليها الخلفاء الراشدون، كما ضاع معنى العدل الذي تشدد الإسلام في العمل والتعامل به، وأصبح الأمر أمر سياسة حسبما تتطلبه الغلبة، لا عدل حسبما يتطلبه الإسلام.

فلما جاء يزيد خرج الحسين بن علي عليه، واشتد الخلاف بينهما، وانتهى الأمر بقتل الحسين، وما كان يظن أن القوم يجرءون على قتله، وهو سبط رسول الله، وكان قتله فاتحة شر كبير على الإسلام؛ فقد قسم المسلمين: شيعة يلتهبون عاطفة لأهل البيت، وسنية يرونهم خارجين على سياستهم يستحقون عليها التأديب والقتل، وبكى المسلمون الحسين، ولا يزالون يبكونه ويتألمون بفجيعته إلى اليوم. وتعقد الشيعة في العاشر من المحرم اجتماعات مؤثرة فيضربون صدورهم بأيديهم وبالسلاسل، ويشجون رءوسهم بالحديد، فيهلك بعضهم. ومن ذلك الحين كان الشيعة ينصبون عليهم إماما من أهل البيت، والأمويون والعباسيون ينصبون عليهم خليفة من البيت الأموي أو العباسي، وكل يرى أنه أحق بالأمر، ويكون بين الإمامين صراع ينتهي بقتل الإمام الشيعي. وحسبك دليلا على شدة هذا الصراع أن الأمويين قتلوا في عهدهم ستة وثلاثين من أهل البيت. وسار العباسيون سيرتهم ففي عهد السفاح والمنصور قتل تسعة عشر رجلا من أهل البيت، وقد جمع أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الكبير «مقاتل الطالبين» - الذي يبلغ نحو ثمانمائة وخمسين صفحة - أسماء من قتلوا من غير ذكر لتاريخهم، ولم يكن ذلك إلا إلى عهده، وقد توفي سنة 356. وبعد قليل من مقتل الحسين كانت المأساة الأخرى، وهي قتل عبد الله بن الزبير في عهد عبد الملك بن مروان، ولم يمض على وفاة رسول الله

صلى الله عليه وسلم

إلا ثلاث وستون سنة، وولى عبد الملك الحجاج لمقاتلة ابن الزبير، فاستأذن في نصب المنجنيق على الكعبة، فنفر أخيارها، وهتك أستارها، ورمى أحجارها، وقال الشاعر:

خرجنا لبيت الله نرمي ستوره

وأحجاره، زفن الولائد في العرس

دلفنا له يوم الثلاثاء من منى

Halaman tidak diketahui