ولكن هذا الشعور لم يقم في قلبي غير لحظة واحدة، وللحال رأيت أمامي رجلا بسيطا تتهمه أمته بالخيانة، وكنت أنا حاكما وقاضيا عليه.
فسألته عن أمره فلم يجب، ولكنه نظر إلي، وكان في نظرته كثير من الشفقة، كأنما هو الحاكم والقاضي علي.
ثم تصاعد من الخارج صراخ الشعب، أما هو فظل صامتا ينظر إلي والشفقة ملء عينيه.
فخرجت ووقفت على درجات القصر، وعندما رآني الشعب انقطع عن الصراخ، فقلت لهم: ماذا تريدون من هذا الرجل؟
فصرخوا بصوت واحد: نريد أن نصلبه لأنه عدونا، وعدو رومة.
وكان قوم منهم يقولون: ألم يقل إنه ينقض الهيكل؟ بل ألم يدع المملكة لنفسه؟ إننا لا نريد ملكا غير قيصر.
فتركتهم ورجعت إلى دار المحاكمة أيضا، فرأيته لا يزال واقفا هناك وحده، وما برح رأسه مرتفعا.
فتذكرت في الحال ما كنت قد سبقت فقرأته لأحد فلاسفة الإغريق: إن الرجل المعتزل هو أقوى الرجال. ففي تلك الدقيقة كان الناصري أعظم من كل أمته.
ولم أشعر برأفة عليه؛ لأنه كان فوق رأفتي.
فسألته: هل أنت ملك اليهود؟ ولكنه لم يقل كلمة.
Halaman tidak diketahui