Yasqut Sibawayh
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
Genre-genre
صلى الله عليه وسلم
أمينا عليه فسمح لسلمان أن يترجم معاني الآيات إلى الفارسية. •••
وبعد انتشار الدين الحنيف بسطت الدولة الإسلامية نفوذها على أراض شاسعة تغطي أجزاء كبيرة من آسيا وإفريقيا وأوروبا. وقد تبنت بعض شعوب هذه البلدان اللغة العربية، كمصر، والشام، والعراق، ودول المغرب العربي. لكن غالبية الشعوب التي دخلها الإسلام ظلت متمسكة بلغاتها الأصلية، وهذا الذي يفسر أن غالبية المسلمين اليوم لا يجيدون العربية. ولم تخطر على بال الفاتحين العرب فكرة فرض العربية على الشعوب التي خضعت لدولتهم. وهذا دليل على أن فكرة قدسية اللغة لم تكن مسيطرة على الأذهان في العصور الأولى للدولة الإسلامية.
واليوم فإن غالبية المسلمين في الأرض لا يعرفون العربية، ومع ذلك فإنه لا يمكن التشكيك في إسلامهم وفي صحة إيمانهم، بل إن نسبة المسلمين غير العرب أكبر كثيرا من نسبة العرب المسلمين؛ فحسب آخر التقديرات هناك اليوم في العالم 1,25 مليار مسلم، في حين أنه لا يوجد أكثر من 240 مليون عربي تعد العربية لغتهم الأم، من بينهم أكثر من عشرة ملايين من غير المسلمين، أي أن نسبة المسلمين الذين تعد العربية لغتهم الأم تمثل 19,2٪ من مجموع مسلمي العالم.
وبحسبة بسيطة فإن 81٪ من المسلمين لا يعرفون اللغة العربية التي نعتبرها نحن العرب الركن الأساسي للدين. لكن هذه النسبة لا تمثل الواقع اللغوي العربي؛ فالإحصائيات تدل على أن نسبة الأمية في العالم العربي تصل إلى نحو50٪ ، ومعنى هذا أن نسبة المسلمين الذين يجيدون اللغة الفصحى هي 9,6٪ فقط لا غير. أي أن أكثر من90٪ من المسلمين يجهلون اللغة العربية الفصحى التي نعتبرها نحن الركن الأساسي للدين كذلك فهناك فقهاء تعمقوا في الدين، وهم لا يجيدون العربية إجادة حقيقية، مثل أبي الأعلى المودودي، والخميني، حتى وإن كنا لا نتفق معهما في نظرتهما إلى الدين، وغيرهم كثيرون.
وبالتالي فإن الربط بين الدين واللغة له حدود ولا يمكن أن يكون ربطا مطلقا. وهناك في إندونيسيا وماليزيا والهند وإفريقيا، وغيرها مئات الملايين من المسلمين الذين لا يمكن التشكيك في تقواهم وفي صدق إيمانهم، لكنهم لا يعرفون من العربية سوى بضع آيات قصار يحفظونها عن ظهر قلب وكثيرا ما لا يفهمون معناها بدقة. وفي مسابقات تلاوة القرآن الكريم يفاجأ كبار الشيوخ من العرب بشباب من بلاد إسلامية غير عربية يقرءون القرآن دون أقل خطأ وبنطق جميل، لكنهم عندما يتحدثون إليهم بالعربية لا يفهم هؤلاء الشباب شيئا، ويلجئون إلى مترجم للتفاهم مع الأساتذة الممتحنين.
وقد مررت بتجربة شخصية زادت اقتناعي بذلك عندما أشرفت في باريس على عدد مجلة رسالة اليونسكو، والذي تم تخصيصه بالكامل للإسلام عام 1980 بمناسبة مرور 1400 عام على الهجرة النبوية. وقد طلبت بهذه المناسبة من الأستاذ حميد الله، وهو هندي الجنسية ومن كبار المتخصصين في الإسلام، كتابة مقال لإدراجه بالمجلة - ولهذا الرجل ترجمة شهيرة لمعاني القرآن باللغة الفرنسية - ولم أكد أصدق أن هذا العالم الكبير في شئون الإسلام لا يستطيع فهم العربية. وسألته كيف ترجم القرآن فقال إنه يعرف القواعد الأساسية للغة، واستعان بكل الترجمات السابقة للقرآن بعدة لغات. وفي العديد من البلاد الإسلامية يوجد حفظة للقرآن الكريم قادرون على ترتيله أو تلاوته دون أدنى خطأ، لكن المفارقة أن الغالبية الساحقة لهؤلاء لا يفهمون معنى ما يقرءون. وقد سألت بعضهم في هذا فقالوا إنهم يفهمون المعنى الإجمالي لكل آية نظرا لأنها مترجمة بلغاتهم، لكنهم عاجزون تماما عن فهم الكلمات ولا المفردات العربية التي تتشكل منها آيات الكتاب الكريم.
فالقول بأن كل المسلمين يجيدون العربية هو قول زائف يروج له بعض الذين يدافعون عن نظرية قدسية اللغة العربية. ولم يبدأ منطق تقديس اللغة ورفعها إلى مستوى المحرمات التي لا يجوز المساس بها في الظهور إلا بعد وفاة الرسول
صلى الله عليه وسلم
بسنوات طويلة. وكان الدافع وراء هذا المنطق البعيد عما جاء به محمد
Halaman tidak diketahui