Yasqut Sibawayh
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
Genre-genre
يشابه بنياها بنا هرمي مصر
بناء يخاف الدهر منه وكل ما
على الأرض يخشى دائما سطوة الدهر
وهذا الصرح العظيم الذي يعتبر اليوم أهم بناء على وجه الأرض، ويوضع على رأس قائمة التراث العالمي الواجب حمايته، والذي تحتضنه منظمة اليونسكو الدولية، كاد يزول بسبب الجهل باللغة.
وعندما نجح شامبليون في فك طلاسم الهيروغليفية في بداية القرن التاسع عشر تكشفت أسرار الحضارة المصرية القديمة، التي يعتبرها العالم أجمع اليوم أم الحضارات الإنسانية كلها. وقد كانت اللغة هي المفتاح الوحيد؛ لفهم قيمة الأحجار الصماء التي تركها أجدادنا في عصور الفراعنة.
ولو افترضنا جدلا أننا فقدنا فجأة معرفتنا بالعربية، فإننا لن نستطيع قراءة القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وسننقطع بذلك عن ديننا، كما سنفقد أي اتصال بتراثنا الأدبي والثقافي العظيم. فما الذي يربطنا بعظماء مثل المتنبي أو البحتري أو حتى أحمد شوقي وطه حسين؟ إنها اللغة أيضا.
ولو لم نكن نعرف العربية؛ لما استطعنا أن نفهم ما أبدعه هؤلاء؛ ولصرنا عاجزين عن الارتباط بماضينا. والانقطاع عن الماضي هو أكبر كارثة يمكن أن تواجه شعبا من الشعوب. والوصل المطلوب بالتراث اليوم يمر بتطوير سريع وجريء للغة؛ وليس بالتمسك بها كما هي بغباء قد يؤدي إلى أخطر النتائج على العربية. •••
وبالإضافة إلى دورها الأساسي كوسيلة وحيدة لحفظ التراث وانتقاله عبر الأجيال، فإن اللغة هي أحد أهم العناصر المكونة للحضارة وللهوية الإنسانية في كل مكان. وأول اتصال بين إنسان وآخر يتم عن طريق اللغة. ويحتاج الزعماء ورجال السياسة والاقتصاد إلى مترجمين للتفاهم، ولولا هؤلاء المترجمون الذين يجيدون أكثر من لغة لكان التفاهم صعبا للغاية، إن لم يكن مستحيلا. فاللغة هي الأداة الأساسية للتفاهم، لكنها أيضا الوعاء الذي يتبلور فيه فكر الإنسان ورؤيته للحياة؛ وبالتالي فإن اللغة هي العنصر المشكل للثقافة وللفكر والفلسفة والآداب.
وبالإضافة إلى هذا فإن اللغة هي أداة التفاهم الأساسية بين أبناء البشرية. وقد أثبت القرآن الكريم الأهمية الحيوية للغة حين يقول تعالى:
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم (سورة إبراهيم: 4)؛ أي أنه لو تحدث الرسل بلغة مختلفة أو غريبة عن قومهم ما أوضحوا لهم وما بينوا لهم ما كلفوا بنقله من رسائل سماوية. ويؤكد القرآن الكريم هذا المعنى عندما يقول:
Halaman tidak diketahui