على أن الحقيقة أن الدنيا لن يزال فيها الفقراء والأغنياء، ولن يزال فيها الأذكياء والأغبياء، ولن يزال فيها الأخيار والأشرار، ولن يزال فيها السمان والعجاف والطوال والقصار والأقوياء والضعفاء، وآفة الاشتراكيين أنهم لا يعيشون ويتعرضون مع هذا لعلاج مسألة العيش ... فحياة كارل ماركس الشخصية تكتب في صفحتين، وكذلك حياة لنين وستالين وإخوانهم أجمعين، ولو عاشوا لفهموا العيش غير هذا الفهم وعالجوه غير هذا العلاج.
فقوانين الحياة سابقة لقوانين الاجتماع، وقوانين الحياة هي التي أوجبت بين الناس هذا التفاوت في الأرزاق، كما أوجبته بين الحيوان والنبات، وعبث أن نعلق الرجاء بالمستحيل، فلا انتهاء للتفاوت في مطبوع ولا في مكسوب، وغاية ما نستطيع أن نمنع الفقر الذي يشقى به من لا يستحقه، وأن نرفع طبقة الفقراء بالقياس إلى الأغنياء، وأن نجعل للأمم نصيبا من ثروة الأفراد.
أما محو التفاوت في الكسب فلا سبيل إليه، وليست كلمة «مسألة» بالتي تخلق سبله لو كان إليه سبيل.
الفصل الخامس والثلاثون
المقترحون والمؤلفون
بين جمهرة القراء في اللغة العربية طائفة لا ترضى عن شيء، ولا تكف عن اقتراح، ولا تزال تحسب أنها تفرض الواجبات على الكتاب والمؤلفين، وليس عليها واجب تفرضه على نفسها.
إن كتبت في السياسة قالوا: ولم لا تكتب في الأدب؟
وإن كتبت في الأدب قالوا: ولم لا تكتب في القصة؟
وإن كتبت في القصة قالوا: ولم لا تكتب للمسرح أو للصور المتحركة؟
وإن كتبت للمسرح والصور المتحركة قالوا: ولم لا تحيي لنا تاريخنا القديم، ونحن في حاجة إلى إحياء ذلك التراث؟
Halaman tidak diketahui