ومن هذه الوجهة لا اعتراض على زواج المصريين بالأوروبيات، أو من يشابههن في هذه الخصلة، وإنما يأتي الاعتراض على هذا الزواج من الوجهة القومية، والوجهة الأخلاقية والوجهة الإنسانية على السواء.
فالنساء المصريات اليوم أوفر عددا من الرجال المصريين، فإذا تركهن أبناء وطنهن ليبنوا بالأجنبيات فعاقبة ذلك عضل مئات الألوف من البنات في سن الزواج، وعاقبة هذا العضل فساد في الأخلاق وبلاء على المجتمع المصري يربيان على كل نفع مرجو من البناء بالأوروبيات، ولو كن من أفضل النساء.
وهكذا يرى الأديب صاحب الخطاب أن شئون الأمم تعالج جملة من جوانب كثيرة، ولا يقتصر العلاج فيها على جانب دون جانب، وعندنا أن الأمة التي تكون كل فتاة فيها متزوجة في سنها المعقولة أسلم من الأمة التي ينجب فيها عشرة آلاف أو عشرون ألفا نسلا متفوقا وإلى جوارهم ألوف العوانس يبتذلن أنوثتهن، فيسري فسادهن إلى البيوت جميعا، ويغرق ذلك النسل المتفوق في لجته التي لا تدفعها شطوط ولا جسور.
فنصيحة الفرد أن الزواج ببنات الأمم المتقدمة زواج صالح مطلوب.
ونصيحة الأمة أن ترك بناتها معضولات بلاء غير مأمون، فإن تسنى دفع هذا البلاء، وتحصيل النفع من البناء بالأوروبيات المتقدمات، فقد استطيعت خدمة الفرد والأمة على السواء.
ولكنه على هذا احتمال بعيد.
الفصل التاسع والعشرون
ماذا نعمل ؟
أطلب إلى سيدي الأستاذ أن يتبع هذا المقال بنفحة أخرى تبين لنا ما نعمله لنبلغ من أمرنا ما نريد، وأرجو ألا يعتبر مني هذا اقتراحا أو ما في معناه، وإنما هو محض استزادة من خير علمك العميق النظيف ...
وهذا سؤال حقيق بأن يسأل، وكنت أود أن يسأل، فهو حقيق بأن يجاب.
Halaman tidak diketahui