الوجه الثاني: أنهم يذمون من وقع في مهلكة أو متاهة، ثم لم ينظر فيما يخلصه من ذلك على ترك ذلك فلولا أنه يوصل إلى العلم وإلا لما استحق الذم؛ لن الذم لا يستحق على ترك فعل إلى وذلك الفعل واجب.
الوجه الثالث: أنا لايعني أن النظر طريق إلى العلم إلا بترتيب مقدمتين صحيحتين يجب حصول العلم، وهو النتيجة عندهما؛ لأن من رتبهما على الوجه الصحيح لم يمكنه التوفق في النتيجة، بل يقطع عليها ويحصل له العلم بها، ومثاله: أن من رأى دخانا وعلمه، ثم علم أن الدخان لا يكون إلا من نار وجب عقد ذلك العلم بحصول النتيجة، وهي النار وهذا ثابت في مسألتنا.
فإن من علم أن الأجسام محدثة ثم حصل له العلم بأن المحدث لابد له من محدث وجب حصول العلم بالنتيجة وهو العلم بمحدثها.
وأما الوجه الرابع: وهو ماذكره الشيخ (رحمه الله) قال: والذي يدل عليه على أنه طريق إلى المعرفة.
والثاني: أن ما يوصل إلى الشيء فهو طريق له، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:
أحدهما: أن النظر موصل إلى المعرفة.
والثاني: أن ما يوصل إلى الشيء فهو طريق له.
أما الأصل الأول: وهو أنه موصل إليها فالذي يدل على ذلك يوجد تحسنه على طريق واحدة ووتيرة مستمرة، والعلم يحصل بحسب النظر، من وجوه ثلاثة:
أحدها: أنه يعقل بقلبه، ويكثر تكثيره، وإنما يصح هذا إذا وقعت أنظاره في مسائل مختلفة ومعلومات [52أ]متغايرة فمن كثرت أنظاره في المسائل كثرت علومه، فإذا كثرت الأنظار في مسألة واحدة، فإن علمه لا يراد بذلك، ولهذا لا تكون الثلاثة الذي لا يحصل له العلم إلا بتكرر النظر أكثر علوما.
وأما الوجه الثاني: وهو أنه يحصل بحسبه وهو أنه يطابقه فمن نظر في مسألة حصل له العلم بتلك المسألة دون غيرها من المسائل، فمن نظر في دليل إثبات الصانع حصل له العلم بالصانع دون الثبوت.
Halaman 94