أحدها: أنه قال: ما يكون المكلف معه أقرب فخرج من اللطف ما تفعل عنده أو يترك عنده، وهو اللطف الحقيقي لأن ظاهر قولنا أنه أقرب إلى الفعل، وأنه قرب من أن يفعل أنه ما فعل، وإنما قرب من فعله مثل قولنا: كاد أن يفعل فإنه يقيد أنه قرب وما فعل وهذا الإعتراض ألزم على اصطلاحهم في اللطف، فإنهم جعلوا اللطف المقرب ما يكون معه أقرب إلى الفعل، ولا يفعل بخلاف التوفيق والعصمة على ما يأتي بيانه في قسمة اللطف.
الوجه الثاني: أنا وإن سلمنا أن قوله/: مايكون المكلف معه أقرب قد دخل فيه لطف التوفيق، وهو ما يفعل عنده لكل حال، ولطف العصمة، وهو ما يترك عنده لكل حال فإن ذلك ينتقض عليه بالملجئ، ويلزمه أن الإلجاء من اللطف كما سيأتي في الحد التالي.
الوجه الثالث: أنه قال: ما يكون معه المكلف أقرب إلى أداء الواجبات واجتناب المقبحات، فخرج منه اللطف، والمندوب، والمكروه.
الوجه الرابع: أنه يخرج منه أيضا ما يكون لطفا في أحدهما؛ لأنه قد يكون إما فعل [47] الطاعة وإما في ترك المعصية، فالأولى أن يقال: هو مايدعو المكلف إلى فعل ماكلف فعله ، أو ترك ماكلف تركه، أو إلى مجموعهما مالم يبلغ الحال به حد الإلجاء.
قلنا: ما يدعو جنس الحد يدخل فيه كلما يدعو من مصلحة، أو مفسدة، وغير ذلك من الدواعي، وقد فعل في قولنا: يدعو اللطف التوفيق، والعصمة، والمطلق لا كلها يدعو.
وقلنا: المكلف ليحترز به ما يدعو غير المكلف نحو الصبيان والجانين، فإنه لا يكون لطفا، وكذلك القديم تعالى لو فعلنا ما يدعوه إلى فعل شيء لم يكن لطفا نحو أن يتصدق أو يصل الرحم.
وقلنا: إلى فعل ماكلف فعله، وترك ماكلف تركه احتراز عما يدعو إلى ترك ماكلف فعله، أو فعل ما كلف تركه، فإنه مفسدة.
وقلنا: أو إلى أحدهما لأن اللطف قد يكون في أحدهما من فعل، وترك كما يكون في مجموعهما.
Halaman 84