فاعلم أولا أنا قد دللنا على أن محدث العالم فاعل مختار، وبقى الكلام في تعيينه، فمذهبنا أنه الله دون غيره، والخلاف في ذلك مع المفوضة والغلاة.
أما الغلاة فإنهم يقولون: الأئمة آلهة وأنهم يخلقون ويرزقون وهم الذين غلوا في محبة علي (عليه السلام) حتى اعتقدوا أنه إله، ومنهم السائبة أصحاب إله سبأ وهو الذي أحدث هذا القول في آخر أيام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقيل: إنه أحرقهم، وقال:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا ... .... ناري ودعوت قنبرا
وروي عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): ((يهلك فيك اثنان: محب غال، ومبغض)).
قال: فالمحب هؤلاء الذين اعتقدوا أنه إله، وقيل: إنه لما أحرقهم بالنار قالوا: الآن تحققت الإلهية؛ لأنه لا يقدر بالنار إلا إله، وقد قيل: إنه كان إذا طعن الواحد منه الرمح قدم إليه ودخل في الرمح، وهو يقول: عجلت إليك ربي لترضى، وقد ذكر في (شرح العيون) أنه لا يجوز أن يكون محدث العالم بعض الأجسام خلاف للمعوضة والباطنية والمتعظ هم الخوارج الذي حاربوه وكفروه.
وأما المفوضة فإنهم يقولون إن الله تعالى يفوض إلى بعض الخلق أن يخلق أن يخلق ويرزق من الملائكة والأنبياء والأئمة.
Halaman 218