Yamini
اليميني
واتفق للقاضي أبي العلاء صاعد بن محمد أن حج بيت الله الحرام سنة اثنتين وأربعمائة، [233 أ] وهو الإمام المرموق، والزاهد الموموق «4»، والفاضل الجزل، والبازل «5» الفحل. قضى أكثر العمر «6» على الحظ النفيس، من ثمر «7» الدرس والتدريس، تتطفل عليه الأعمال فيأباها، وتصب «8» إليه الأعراض «9» فيرى الخيار فيما عداها. ومن حاز شرف العلم لم يشتر به ثمنا قليلا، ولم يعدل به حظا وإن كان جليلا. فلما حصل بدار السلام، وأنهي إلى القادر بالله أمير المؤمنين خبره في حجيج «10» بيت الله الحرام، قوبل بمقتضى حقه في الإسلام، من واجب الإثرة والإكرام، وظاهر التوقير والإعظام. وعضد بالكتاب «1» إلى السلطان فيما تقرر من حاله، وفي مهمات أوجب الاحتياط شرحها على لسان مقاله. فلما عاد من وجهه، شخص إلى حضرة السلطان بغزنة، فعرض ما صحبه، وقرر ما تحمله، وأدى من حق الأمانة ما لزمه، وبها الأستاذ «2» أبو بكر محمد بن إسحاق، فجرى في مجلسه ذكر الكرامية، وإطلاقهم القول بالتجسيم، وتعريض [الله تعالى] «3» لما «4» لا يليق بذاته الكريم، فأنف السلطان لهذه الشنعاء من مقالهم، والعوراء من فحوى جدالهم. ودعا أبا بكر سائلا عنه، وباحثا «5» صورة الحال منه، فأنكر اعتقاد ما نسب إليه، [233 ب] وأظهر البراءة مما «6» أحيل به عليه، فسلم مع الإنكار عن مس العتب والإنكار، فأما الباقون «7» فإن الكتب نفذت إلى العمال في تقديم الاستقصاء عليهم، فمن أظهر البراءة من «8» قوله الشنيع، واعتقاده الموجب للتبديع، ترك وشأنه من عقد المجالس للتدريس، وتشرف المنابر للتذكير. ومن أصر على دعواه، ولم يختر لنفسه سواه، جعل مغناه عليه حصيرا «9»، ورد لسانه دون الفضول قصيرا.
Halaman 426