فقلت: هذا والله الوحي الناطق، والفأل الصادق. وتقدمت بعطف ضبنتي «11» إليها، وغنيت «1» ستة أشهر بها في أنعم عيش وأرخاه، وأهنأ شرب وأمراه «2». إلى أن أتاني كتاب الأمير في استدعائي إلى حضرته بتبجيل وتأميل، وترتيب وترحيب «3»، فنهضت إليها «4»، وحظيت بما حظيت به منها إلى يومي هذا «5».
وكان اختياره ذلك أحد ما استدل به ذلك الأمير على رأيه ورزانته، ودرجه به إلى محلته ومكانته، وصار من بعد ينظم بأقلامه منثور الآثار عن حسامه، وينسج بعباراته وشائع «6» فتوحه ومقاماته، وهلم جرا إلى زمان السلطان «7» يمين الدولة وأمين الملة. فقد كتب له عدة فتوح إلى أن زحزحه القضاء عن خدمته، ونبذه إلى ديار الترك من غير قصده وإرادته، فمات بها غريبا، ولم يجد من مساعدة الزمان نصيبا.
ولما استتب للأمير تلك النواحي، واستقرت على شعار دعوته الأقاصي والأداني، وصفت له أشرابها، ودرت عليه أحلابها، استخلف عليها من اختاره [14 ب] من ثقاته وخواصه.
Halaman 28