119

وأرسل أبو علي أبا الحسين [65 ب] محمد بن كثير «7»، وفائق عبد الرحمن بن أحمد الفقيه «8» وزيريهما إلى بخارى في استعتاب الرضا واسترضائه، واستفائته «9» إلى رعاية حقوق مواليه وأوليائه. فأما أبو الحسين بن كثير فإنه صرف وراءه على وجه جميل، فكتب إلى أبي علي في تمنية وتأميل، ورسم له أن ينحرف إلى الجرجانية فيقيم بها إلى أن يستأنف تدبير أمره بواجبه. وأما عبد الرحمن بن أحمد فإنه أمر باعتقاله، ووضع في الحبس على رسم أمثاله، وندب من بخارى بعض المسودة «1» بكتاب إلى مأمون بن محمد والي الجرجانية ليتقدمه بتقرير حاله، وذكر ما أنشى ء من الرأي في بابه. فامتعض فائق بما قوبل به رسوله، وعمد أن يعبر «2» النهر إلى ما وراءه ملتجئا إلى أيلك خان، ومستصرخا إياه، ومستعينا به على ما دهاه. وأشار على أبي علي بأن يساعده، ويجمع إليه يده وساعده، فإن الغرض المقصود في طرحه إلى الجرجانية تفريق ذات بينهما في المساعدة والمرافدة، والاجتماع على الحادثات باليد الواحدة، وأن الذي غمسا فيه أيديهما من الخلاف على تلك الدولة- اضطرارا كان أو اختيارا- لا يوجب الإغضاء عن تبعاته، والذهول عن نفثات أنيابه وحماته. فاختار أبو علي مباعدته على مساعدته، ومجانبته [66 أ] على مقاربته، سرا لله تعالى فيما حكم به من صدع شمله، وقطع حبله، ووضع رحله:

وليس لرحل حطه الله رافع ... وليس لأمر شاءه الله دافع «3»

وافترقا عن مناخهما. فأما فائق، فعبر النهر إلى ما وراءه عادلا إلى أيلك مستجيرا إياه، وواصلا عروته بعراه، فأنهض من بخارى على أثره بكتوزون الحاجب، فتصادما «4» بحدود نسف، وولى كل منهما صاحبه ظهره، بعد أن أبلى في اللقاء عذره. فقبله أيلك أحسن قبول، وقراه أحسن «5» مقول ومفعول، وضمن له الوفاء بأمله، ورده إلى ما استنزل عنه من عمله.

Halaman 126