وجهة العالم الإسلامي
وجهة العالم الإسلامي
Penerbit
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Nombor Edisi
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
Lokasi Penerbit
سورية
Genre-genre
للأساطير الدامية، كأسطورة (ملوخ)، الإله الذي لا يشبع مما يقدم له عباده من قرابين بشرية؛ والصنم الذي تمخض عن الاستعمار، عدو الإنسانية، فتمخض عن النازية عدو أوربا، لقد هدمت هذه الأسطورة جميع ما أمرت به الديانة المسيحية من فضائل، بل تعدت ذلك إلى الهجوم على (الله) ذاته، فحاولت أن تسلخ الإيمان به من الضمير الأوربي، فهي هنالك تسكن قلوب الناس، وتقيم في أفكارهم، وتحرك إرادتهم، وتوحي إلى الشباب دائمًا اتجاههم ورسالتهم.
وما التاريخ منذ قرن من الزمان إلا ملحمة للفكر الاستعماري، فالطفل الذي يولد في أوربا يشعر في استقباله الحياة كأنما سبقت تهيئته للاستعمار، فإذا ما أخطأ وجهته لم يصرفه ذلك عن تغذية ذهنه بأفكاره، كما يتغذى هو من خيرات المستعمرات.
ولكن سرعان ما يعود اللهب ... فلقد انقلب الاستعمار في الضمير الأوربي إلى قومية عمياء، آلت بعد تصفيتها وتكريرها إلى أسطورة (الجنس المختار)، التي ستتخذ فيما بعد ذريعة إلى بلوغ قمة البربرية، وبذلك أدى قيام الاستعمار على أساس احتقار الأجناس إلى نشوء (جنس أسمى) بين سائر أجناس البشرية.
وما كانت حرب ١٩١٤ - ١٩١٨ في الواقع سوى فترة وسيطة بين الحركة الاستعمارية والحركة النازية، أعني مرحلة من التصفية، فلقد تشبث كل طرف آنذاك بمصالحه المادية، فاختلطت المفاهيم التي عهدناها متمثلة في كلمات مثل: الله، القانون، الإنسان، اختلطت بالبترول والقصدير. وأصبح التاريخ رقية تتلى على المفاهيم الميتة ليبتعثها من مراقدها، حيث دفنتها حضارة الرقم والآلة؛ ومن هذا الوجه أقحم الدين إقحامًا، كأنه ضرب من التعاويذ والرقى لتأمين المنافع المادية، وهو إقحام طبع العبقرية الديكارتية طبعة شاذة. أما الذي حدث فعلًا فقد كان عكس ذلك تمامًا، فحين دعا هؤلاء (الله) سبحانه ليعينهم على أن يؤدوا أعمالًا فاسدة، لينهبوا ويفسدوا ويقتلوا، بعث الله إليهم
1 / 134