مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع
مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع
Penerbit
دار الفضيلة بالرياض،دار الثقافة بقطر
Nombor Edisi
السابعة
Tahun Penerbitan
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lokasi Penerbit
مكتبة دار القرآن بمصر
Genre-genre
ـ[مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع - موسوعة شاملة]ـ
وملحق بها السنة بيان الله تعالى على لسان الرسول ﷺ
المؤلف: ا. د. علي أحمد السالوس
الناشر: دار الفضيلة بالرياض، دار الثقافة بقطر، مكتبة دار القرآن بمصر
الطبعة: السابعة، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
Halaman tidak diketahui
تمهيد
إن الحمد كله لله نحمده سبحانه وتعالي ونستهديه، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله ﷿ أن يجنبنا الزلل في القول والعمل. ونصلى ونسلم على رسله الكرام، وعلى أولهم خاتم الأنبياء والمرسلين، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فمنذ نحو أربعين سنة بدأت الاطلاع على كتب الشيعة الجعفرية الاثنى عشرية، والاتصال ببعض علمائهم. وشجعني على هذا أستاذي المرحوم الشيخ محمد المدني، أحد دعاة التقريب بين المذاهب الخمسة، حيث اعتبروا المذهب الشيعي هذا مذهبًا خامسًا، ولذلك كانت رسالتي للماجستير في الفقه المقارن بين الشيعة الإمامية - أي الجعفرية الاثنى عشرية - والمذاهب الأربعة.
غير أنني عندما بدأت الدراسة، ثم قرأت كثيرًا من كتبهم، وجدت الأمر على خلاف ما تصوره دعاة التقريب، حيث إن عقيدتهم في الإمامة، وما ينبنى عليها، تمنع التقريب وتحول دونه، فإن هذه العقيدة لا تصح إلا بالطعن في خير أمة أخرجت للناس، حيث يعتبر باقي الصحابة - وحاشاهم - مقرين للمعصية، راضين عنها.
وإذا كانت مسألة الإمامة في ذمة التاريخ، فلا حاجة لإثارتها، وخلاف الأمس لا يمنع تقريب اليوم، ومن هنا كانت رسالتي للدكتوراه عن أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله، وللأسف الشديد أنني وجدت هذه العقيدة الباطلة قد أفسدت الكثير من أصول الفقه. فكيف تكون دعوة التقريب؟
إن قلنا للشيعة: دعوا مسألة الإمامة في مجال العقيدة، ولا تجعلوا لها أثرًا في التشريع وأصوله حتى تصبحوا كأي مذهب من مذاهب أهل السنة والجماعة، أفيقبلون؟
1 / 5
وإذا كانوا لا يقبلون، بل لم توجه لهم هذه الدعوة، أفنؤمن نحن بعقيدتهم الباطلة؟
لهذا يجب أن تكون دعوة التقريب على هدى وبصيرة. ولذا رأيت أن أجعل بين أيدي المسلمين، ودعاة التقريب منهم، بعض الكتب التي تبين الفوارق بين السنة والشيعة في مجالات مختلفة، ليفكروا في هذه الفوارق، ولنحدد كيف تكون دعوة التقريب، ومن الذي يجب أن يترك رأيه ويقترب من الآخر.
وكنت جمعت المادة العلمية منذ عدة سنوات، ثم توقفت بضعة أعوام عندما شغلت بالاقتصاد الإسلامي، والمعاملات المعاصرة، وتم بحمد الله تعالي وفضله تأليف بعض الكتب والأبحاث، غير أن البحث في المعاملات المعاصرة أمر متجدد لا ينتهي، فرأيت ألا أجعل الوقت كله له، وأن أعود إلى ما جمعت من مادة للدراسة المقارنة حتى أخرج الكتب التي أريدها، مستعينًا بالله ﷿.
وتوطئة لهذه الدراسة صدر كتابى الأول تحت عنوان:
" عقيدة الإمامة عند الشيعة الاثنى عشرية- دراسة في ضوء الكتاب والسنة - هل كان شيخ الأزهر البشرى شيعيًا؟ ! "
وانتهت الدراسة إلي أن عقيدتهم لا تستند إلى كتاب ولا إلى سنة، بل باطلة تصطدم بالكتاب والسنة، وأظهرت الدراسة كثيرًا من الأخطاء، وكشفت عن مفتريات وأباطيل، ونزهت الشيخ البشرى مما نسبه إليه المفترى الكذّاب صاحب كتاب المراجعات.
ورأيت أن تكون الدراسة التالية للكتاب السابق تتعلق بكتاب الله العزيز، المصدر الأول للعقيدة والشريعة. فكان الكتاب الثانى في التفسير المقارن وأصوله بين أهل السنة والشيعة الاثنى عشرية، وقسمته قسمين: -
القسم الأول: للحديث عن التفسير وأصوله عند أهل السنة.
القسم الثانى: للتفسير وأصوله عند الشيعة الاثنى عشرية.
1 / 6
ومن يقرأ ما احتواه القسمان يدرك الفوارق البينة الظاهرة بين التفسيرين، وأصول كل منهما. ويتأكد من أن مسألة الإمامة ليست نظرية بحتة تاريخية، بل لها أثرها في كتبهم خلال جميع العصور، ولهذا وجدنا الغالين الضالين من الشيعة يحرفون القرآن نصا ومعنى، ويطعنون في الصحابة الكرام، ويجعلون أئمتهم هم المراد من كلمات الله حتى وصل بعضهم إلى تأليه الأئمة، ووجدنا المعتدلين منهم يقعون في تناقض بين، وهذه نتيجة حتمية، فكيف يجمع بين هذه العقيدة والاعتدال؟! وكيف يجمع بين توثيقهم وإجلالهم لأكبر كبار علمائهم كالقمى والعياشى والكلينى، وهم رءوس الغلو والضلال، وحملة لواء التشكيك والتضليل، وتحريف القرآن المجيد، وتكفير خير أمة أخرجت للناس؟! كيف يجمع بين هذا كله وبين شيء من الاعتدال؟! والمهم أن ما أنسبه إليهم هنا منقول من كتبهم وليس مما كتب عنهم، وبذلك يكون الحكم دقيقًا غير جائر.
وانتهيت من الكتاب الثانى سنة ١٤٠٩ هـ (١٩٨٩م)، وفى أواخر ذلك العام كانت الطامة حيث صدر البيان المشهور عن دار الإفتاء المصرية الذي أحل بعض المعاملات التي أجمعت المجامع الفقهية كلها وجميع دور الإفتاء على أنها من الربا المحرم، وتبع البيان بعد ذلك تحليل صور أخرى من المعاملات الربوية حتى وصل الأمر إلى القول بأن البنوك في جميع بقاع الأرض تستثمر بالطرق التي أحلها الله تعالي!!
فشغلت بالرد على البيان، وعلى ما صدر بعد ذلك من الفتاوى الباطلة، فكتبت عشرات المقالات، وبضعة كتب وأبحاث، ووقفت عند الكتاب الثانى بين الشيعة والسنة.
ومنذ سنوات طلبت منى إحدى الجهات العلمية البارزة كتابة رد على كتاب المراجعات لعبد الحسين شرف الدين الموسوي، ثم تكرر الطلب حتى استحييت، وكنت كتبت بعض الملاحظات حول الكتاب استعدادًا للرد قبل هذا الطلب، فأعدت
1 / 7
النظر فيما كتبت، واستعنت بالله ﷿، وبذلت أقصى ما أستطيع حتى انتهيت بحمد الله ﷿ وفضله وكرمه - من كتاب " المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى "، حيث أثبت يقينا براءة شيخ الأزهر مما نسب إليه، وأن عبد الحسين هو وحده صاحب هذه المراجعات المفتراة. والقارئ يجد هذا الأمر واضحًا جليًا، وسيعجب كل العجب من جرأة هذا الرافضي لا على الكذب والافتراء فقط، ولكن أيضا على تصوير شيخ الأزهر وشيخ المالكية وقد جاوز الثمانين عاما في صورة جاهل لا يدرى ما في كتب في التفسير والحديث عند أهل السنة أنفسهم، وما يدرس منها لطلاب الأزهر، فبدا كأنه أقل علمًا من هؤلاء الطلاب، إلى أن جاء هذا الشاب الرافضي الطريد الذي لجأ إلى مصر ليعلم شيخ الأزهر نفسه ما في هذه الكتب، ويصور الرافضي نفسه في صورة من أخرج شيخ الأزهر من ظلمات الجهل إلى نور العلم، وجعله يسلم بصحة عقيدة الرافضة وشريعتهم وبطلان ما عليه أمة الإسلام منذ الصحابة الكرام البررة إلى عصرنا!!
وقد ناقشت الرافضي مناقشة علمية مستفيضة، نسأل الله تعالى أن يتقبلها منا فهو ﷾ يعلم السر وأخفى.
وبعد أن انتهيت من كتاب المراجعات رأيت أن أستكمل الموضوع الذي بدأته بالكتابين اللذين أشرت إليهما من قبل، ولكن بدا لي أن أقدم للمسلمين موسوعة شاملة في هذا الموضوع تبين حقيقة الشيعة والرافضة في الماضي والحاضر في ضوء الكتاب والسنة، وكل ما أنسبه إليهم منقول من كتبهم هم أنفسهم، وليس مما كتب عنهم، وبذلك يكون الحكم دقيقا غير جائر. وهذه الموسوعة يضمها كتاب في أربعة أجزاء:
الجزء الأول في العقائد.
الجزء الثانى في التفسير وكتبه ورجاله.
الجزء الثالث في الحديث وعلومه وكتبه ورجاله.
1 / 8
والجزء الرابع في أصول الفقه والفقه.
وكل جزء له مقدمة تخصه وتناسبه.
وكتبت بحثا عنوانه " السنة بيان الله تعالى على لسان رسوله ﷺ "، فرأيت من المناسب أن ألحقه بالجزء الثالث الخاص بالسنة المشرفة.
وقبل أن أنتقل إلى مقدمة الجزء الأول أحب أن أذكر بما يأتي: -
أولا: لماذا كثر ما كتبت عن الشيعة؟
بعد أن تخرجت في كلية دار العلوم سنة ١٣٧٦ هـ (١٩٥٧م)، والتحقت بالدراسات العليا، كان ممن درس لنا أستاذنا الجليل / محمد المدني - رحمه الله تعالى - وهو من الأعضاء البارزين لدار التقريب بين المذاهب في القاهرة، وكثيرًا ما كان يحدّثنا عن الشيعة، وفقههم وأنهم لا يختلفون كثيرًا عن المذاهب الأربعة، ويمكن اعتبارهم مذهبا خامسا.
والشيعة يزيدون على سبعين فرقة، لكنه كان يقصد الشيعة الإمامية الجعفرية الاثنى عشرية بالذات، فهى صاحبة دار التقريب فكرة وتنفيذا.
ونتيجة فهمى لما سمعته منه سجلت رسالة الماجستير تحت عنوان ... " فقه الشيعة الإمامية ومواضع الخلاف بينه وبين المذاهب الأربعة " وأردت أن أحدد مواضع الخلاف فقط، أي ما ينفردون به دون أي مذهب من المذاهب الأربعة، ثم أناقش هذه المواضع باعتبارهم مذهبا خامسا من باب التقريب.
غير أننى عندما بدأت البحث، واطلعت على مراجعهم الأصلية وجدت الأمر يختلف عما سمعت تماما. ورأيت أن عقيدة الإمامة عندهم، التي جعلوها
1 / 9
أصلا من أصول الدين، أثرت في مصادر الشريعة، وجميع أبواب الفقه، ولذلك جعلت رسالة الدكتوراه عنوانها " أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله".
فدراستى إذن بدأت بتوجيه من الشيخ المدني من أجل التقريب. ولكن الدراسة العلمية لها طابعها الذي لا يخضع للأهواء والرغبات.
وكان طبيعيا ألا أقف عند الماجستير والدكتوراه، وأن يظهر هذا التخصص في دراسات أخرى، ولهذا قمت بتأليف عدة كتب في سلسلة دراسات في الفرق.
من هذا التوضيح يعرف سبب كثرة ما كتبت في هذا المجال، وما أكتبه ليس من أهدافه الحوار مع الشيعة والرافضة، وإنما أوجه كتابتى لأهل السنة والجماعة وجمهور المسلمين في ضوء المصادر المعتمدة التي تلقتها الأمة بالقبول، والمنهج العلمي الذي اتفق عليه جمهور المسلمين.
ثانيا: الشيعة ليسوا سواء
الشيعة الاثنا عشرية ليسوا سواء، فمنهم الغلاة الذين نرى فيما كتبوا الكفر والزندقة، ومنهم من ينشد الاعتدال، ويتصدى لبعض هؤلاء الغلاة، ومنهم من يجمع بين الغلو والاعتدال. فعلى سبيل المثال.
ظهر في القرن الثالث الهجرى ثلاثة كتب في التفسير هي التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري، وتفسير العياشى، وتفسير القمي. وهذه الثلاثة كلها زيغ وضلال وزندقة: تكفر الصحابة رضي الله تعالي عنهم، وعلى الأخص الخلفاء الراشدين قبل الإمام على، ومن بايعوهم، وتحرف القرآن الكريم نصا ومعنى وتغلو في الأئمة الاثنى عشر إلى درجة الشرك بالله ﷿.
1 / 10
وفى القرن الرابع الهجرى يؤلف الكلينى - وهو تلميذ القمي - كتابه الكافى، الكتاب الأول في الحديث عندهم، وقد ضل ضلالا بعيدًا، ونهج منهج التفاسير الثلاثة وزاد عليها كفرًا وضلالا.
وفى القرن الخامس يؤلف الطوسي كتابه التبيان في التفسير، وينهج منهجا فيه شيء من الاعتدال، ويتصدى لحركة التشكيك والتضليل التي سبقته، ويحاول جاهدا صيانة كتاب الله العزيز نصا ومعنى، وإن تأثر بعقيدته في بعض معانى الآيات الكريمة.
والإمامية الاثنا عشرية بعد هذا منهم من سار في ظلمات الضالين الغلاة ومنهم من اقترب من شيخ الطائفة الطوسي، ومنهم من أخذ من كل نصيبا. وقد بينت هذا بالتفصيل في كتابى " أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله "، وفى هذا الكتاب بأجزائه الأربعة.
وعبد الحسين في كتابه " المراجعات " الذي أشرت إليه من قبل لم ينقل إلا عن الغلاة الضالين، وأضاف إليهم ما هو أشد كفرا وضلالا، ولم ينقل شيئا عن التبيان للطوسى شيخ طائفتهم وصاحب كتابين من كتب الحديث الأربعة.
ولذلك فهو يعد من أشد الروافض غلوا وزندقة وكفرا.
وأرجو أن يكون واضحا أن ما نراه في كتب الغلاة الرافضة، وما نصمهم به نتيجة ما قدمت أيديهم، لا ينطبق على المعتدلين من الطائفة.
والذى تعجب له هو موقف المعتدلين الغلاة من الشيعة، حيث نرى تناقضا واضحا: -
فهم يثنون على الصحابة الكرام، ويقولون بأن القرآن الكريم الذي بين أيدى المسلمين هو كما أنزله الله ﷿، وأن أي خبر يتعارض مع هذا سواء أكان في الكافى أو غيره، يضرب به عرض الحائط، وكذلك ما يتصل بفرية علم الأئمة للغيب.
1 / 11
والتناقض يأتي في الإشادة بكتب الغلاة كالمراجعات، وهو الذي يتعارض مع كل ما سبق كما يظهر عند عرضه ومناقشته، وبيان ما فيه من البلايا والرزايا.
وكذلك القول بأن كل ما في تفسير على بن إبراهيم القمي صحيح، وهو الذي كفر الصحابة وقال بالتحريف تنزيلًا وتأويلًا، وعلم الأئمة لما كان وما يكون إلى يوم القيامة.
تناقض واضح جلى بلا شك!! ولذلك فهم جمعوا بين الاعتدال والغلو!!
ووجدنا طائفة من معتدلي الشيعة لم تقع في مثل هذا التناقض، وظهرت لهم كتب تفضح وترد على غلاة الشيعة، وذلك مثل كتاب تحطيم الصنم، والمقصود بالصنم كتاب الكافى، وكتاب لله ثم للتاريخ، وفيه تبرئة الأئمة الأطهار مما نسب إليهم من الغلو، وما كتبه أحمد الكاتب، وموسى الموسوي، وغيرهم. ... فالشيعة إذن ليسوا سواء.
ثالثا: منهج الرافضة في محاولة هدم الإسلام
عبد الحسين الذي افترى كتاب المراجعات، أراد أن يبين أن علامة أهل السنة وشيخ أزهرهم، والذى جاوز الثمانين من عمره، جاهل بالكتاب والسنة ... معا، حتى بالكتب التي تدرس لطلاب الأزهر، ويسلم بكل ما يقوله هذا الرافضي الشاب الطريد الذي لجأ إلي مصر، فلا ينتهى الكتاب المفترى حتى ينطق ويشهد شيخ الأزهر- وحاشاه ثم حاشاه - بما ينطق به غلاة الروافض! وإذا كان هذا هو حال الإمام الأكبر فعلى الباقين جميعا أن يسلموا تسليمًا، وأن يعود الأزهر شيعيا كما بدأ! هكذا زين الشيطان للرافضى!
1 / 12
وأراد شيطان الرافضة أن يبين أنه صاحب ذلك الكتاب لا ريب فيه، وبه نور الظلم، وأنقذ شيخ الأزهر من ظلمات الجهل ... هكذا دون أدنى خجل أو حياء من الله ﷿، أو من الناس.
وما ذكر في مقدمة كتاب المراجعات عن عبد الحسين فهو من باب ما قاله الإمام الشافعى " أشهد الناس بالزور الرافضة ".
وأحب أن أنبه إلى أمر هام وهو منهج الرافضة في هدم الإسلام من الداخل ونشر عقائدهم الباطلة.
رأيت كتابا لعبد الحسين هذا عنوانه " الفصول المهمة في تأليف الأمة "، ومن الذي لا يريد تأليف أمة الإسلام؟ فلما نظرت في الكتاب وجدته ينتهى إلى أن التأليف إنما يكون باعتناق عقيدة الرافضة وترك ما عليه أهل السنة والجماعة، وهذا هو ما انتهى إليه في كتاب المراجعات، بعد أن بدأه بالتحذير من الفرقة، ووجوب اجتماع الكلمة، أي أننا يجب أن نجتمع، على الكفر والزندقة، لا على سنة الرسول ﷺ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، التي أمرنا أن نعض عليها بالنواجذ.
فيجب أن نتنبه إلى هذا المنهج الخبيث، وإلى أنهم في سبيل تصدير الثورة التي نادى بها الخمينى، أي عقيدة الرافضة وشريعتهم، يغرون بالمال الوفير، وبالنساء عن طريق زواج المتعة عندهم.
رابعا: عبد الله بن سبأ
صاحب فكرة الوصي بعد النبي ﷺ
عبد الله بن سبأ كان يهوديًا ثم أعلن إسلامه، ووالي على بن أبى طالب - رضي الله تعالى عنه - وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بالغلو،
1 / 13
فقال في إسلامه بعد وفاة الرسول ﷺ في أبى الحسن مثل ذلك. وهو صاحب فكرة أن عليًا هو وصى النبي ﷺ.
جاء في كتاب فرق الشيعة للحسن بن موسى النوبختي، وسعد بن عبد الله القمي، وهما من علماء الشيعة في القرن الثالث الهجرى:
" عبد الله بن سبأ أول من شهر القول بفرض إمامة على ﵁، وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه وكفرهم، فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية ". (ص ٣٢:٣٣ وانظر هذا أيضا في ترجمة ابن سبأ في تنقيح المقال للماماقانى ٢/١٨٤، والأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الموسوي الجزائري ص ٢٣٤. وكلها مراجع شيعية) .
ونتيجة لدور ابن سبأ في تأسيس عقيدة الرافضة، ولرفع هذه التهمة الثابتة، ألف مرتضى العسكري الشيعي كتابا عن عبد الله بن سبأ، وقال: إنه شخصية خرافية لا وجود لها، وإن قصته وضعها سيف بن عمر، واشتهرت عن طريق تاريخ الطبري.
وما قاله هذا الشيعي غير صحيح، بل جرأة عجيبة على إنكار ما هو ثابت مشتهر، فما أكثر ما جاء عن ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر، وما نقلته من كتاب فرق الشيعة وغيره ليس فيه سيف بن عمر، وليس منقولا عن طريق الطبري، وأضيف إليه بعض المراجع الشيعية الأخرى التي ذكرت ابن سبأ، وليس في سندها سيف بن عمر:
فانظر على سبيل المثال لأصحاب كتب الحديث الأربعة عند الشيعة:
الكافى للكلينى ١/٥٤٥، وللصدوق: فقيه من لا يحضره الفقيه ١/٢١٣، وعلل الشرائع ص ٣٤٤، والخصال ٦٣٨، وللطوسى: تهذيب الأحكام ٢/٣٢٢، واختيار معرفة الرجال ٢/١٠٨، والأمالى ١/٢٣٤.
وراجع أيضا: وسائل الشيعة ١٨/٥٥٤، ورجال الكشّى، وغيرها من مراجع الشيعة أنفسهم، إلى جانب مراجع الجمهور التي يطول ذكرها. ويمكن أن يكون
1 / 14
هذا الموضوع بحثا موسعا نثبت به أخطاء مرتضى العسكري وغيره، ولكن أكتفى بذكر نموذج لأحد الشيعة المشهورين بالاعتدال إلى حد ما وهو السيد أبو القاسم الخوئى، الذي كان المرجع الأعلى للشيعة في العراق. جاء في كتابه معجم رجال الحديث في ترجمة عبد الله بن سبأ ما نصه:
الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلوّ: من أصحاب على ﵁ رجال الشيخ (٧٦) .
وقال الكشّى (٤٨): " حدثني محمد بن قولويه القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبى خلف القمي، قال: حدثني محمد بن عثمان العبدى، عن يونس بن عبد الرحمان، عن عبد الله بن سنان، قال: حدثني أبى عن أبى جعفررضي الله عنه: أنّ عبد الله بن سبأ كان يدعى النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين ﵁ هو الله!! تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا فبلغ ذلك أمير المؤمنين ﵁، فدعاه وسأله فأقرّ بذلك، وقال: نعم أنت هو وقد كان ألقى في روعى أنك أنت الله وأنىّ نبي!! فقال له أمير المؤمنين ﵁: ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار". وقال: إنّ الشيطان استهواه فكان يأتيه ويلقى في روعه ذلك.
حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا يعقوب ابن يزيد ومحمد بن عيسى، عن ابن أبى عمير، عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ، وما ادّعى من الربوبية في أمير المؤمنين على بن أبى طالب ﵁، فقال: إنه لما ادّعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين ﵁ فأبى أن يتوب فأحرقه بالنار.
حدثني محمد بن قولويه: قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، ومحمد بن عيسى، عن على بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب الأرذى عن أبان بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله ﵁ يقول: لعن الله عبد الله بن سبأ إنه ادّعى الربوبية في أمير المؤمنين ﵁، وكان والله أمير المؤمنين ﵁ عبد الله طائعًا، الويل لمن كذب علينا وإن قوما يقولون فينا ما لانقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم. نبرأ إلى الله منهم.
وبهذا الإسناد عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبى عمير، وأحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، والحسين بن سعيد، عن ابن أبى عمير، عن هشام بن سالم، عن أبى حمزة الثمالى، قال: قال على بن الحسين صلوات الله عليهما: لعن الله
1 / 15
من كذب علينا إنى ذكرت عبد الله بن سبأ فقامت كل شعرة في جسدى، لقد ادّعى أمرًا عظيمًا! ما له لعنه الله، كان على ﵁ والله عبدًا لله صالحًا، أخا رسول الله، ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله، وما نال رسول الله صلى الله عليه وآله الكرامة من الله إلا بطاعته لله.
وبهذا الإسناد: عن محمد بن خالد الطيالسى، عن ابن أبى نجران، عن عبد الله (بن سنان)، قال: قال أبو عبد الله ﵁: إنّا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَوآله أصدق الناس لهجة وأصدق البرية كلّها، وكان مسيلمة يكذب عليه، وكان أمير المؤمنين ﵁ أصدق من برأ الله بعد رسول الله ﷺ، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفترى على الله الكذب عبد الله بن سبأ.
أقول - أي الخوئى: وتأتى هذه الرواية الأخيرة في ترجمة محمد بن أبى زينب وفى سندها ابن سنان، بدل عبد الله.
وقال الكشّى: " ذكر بعض أن عبد الله بن سبأ كان يهوديًا فأسلم ووالى عليا ﵁، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصى موسى بالغلو! فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله ﷺ في على ﵁ مثل ذلك، وكان أول من شهر بالقول بفرض إمامة على!! وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه
1 / 16
وأكفرهم، فمن ها هنا قال من خالف الشيعة: أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية!! ".
أقول: بطلان قول من خالف الشيعة واضح ناشئ عن العصبية العمياء، فإن أصل التشيع والرفض مأخوذ من الله ﷿ حيث قال ﷾:
" إنما وليكم لله ورسوله والذين آمنوا ... " والرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله حيث قال في الغدير: " من كنتٌ مولاه فهذا على مولاه، اللهم وال من ... والاه ... " وأما عبد الله بن سبأ فعلى فرض وجوده فهذه الروايات تدل على أنه كفر وادّعى الألوهيّة في على ﵁ لا أنه قائل بفرض إمامته ﵁، مضافًا إلى أن أسطورة عبد الله بن سبأ وقصص مشاغباته الهائلة موضوعة مختلفة اختلقها سيف بن عمر الوضاع الكذّاب، ولا يسعنا المقام الإطالة في ذلك والتدليل عليه، وقد أغنانا العلامة الجليل والباحث المحقق السيد مرتضى العسكري في ما قدم من دراسات عميقة دقيقة في هذه القصص الخرافية وعن سيف وموضوعاته في مجلّدين ضخمين طبعا باسم (عبد الله بن سبأ) وفى كتابه الآخر (خمسون ومائة صحابي مختلق) ﷺ (١١/٢٠٥: ٢٠٧) . انتهت الترجمة.
ونلاحظ هنا أن الخوئى نقل الترجمة من مراجع شيعية فقط، وذكر الأخبار بأسانيدها وليس في أي منها سيف بن عمر، ومع ذلك يقول: أسطورة عبد الله بن سبأ، ويثنى على مرتضى العسكري! وعلى دراساته! أين ذهب عقل الخوئى وهو يكتب هذا؟!
ثم لا يكتفى بالافتراء على الله تعالى وعلى رسوله ﷺ بالنسبة لأصل التشيع، بل يلحق به الرفض الذي يعنى الطعن في أبى بكر وعمر، خير البشر بعد الرسول ﷺ.
1 / 17
وفى الأمة الإسلامية كلها التي بايعت كلا منهما. والخوئى مشهور بالاعتدال النسبى، فماذا ننتظر من غلاة الرافضة وزنادقتهم؟! (١)
أما من عرف بالاعتدال وعدم الغلو والتطرف من الشيعة فقد وجدنا منهم من يكتب عن عبد الله بن سبأ ويثبت وجوده، ويرد على مرتضى العسكري ومن أيده، ففي كتاب كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار لعالم شيعي من علماء النجف وهو السيد حسين الموسوي نجد سبعة نصوص تؤيد وجود عبد الله بن سبأ، ثم يقول المؤلف بعد ذكر هذه النصوص ما يأتي:
فهذه سبعة نصوص من مصادر معتبرة ومتنوعة، بعضها في الرجال وبعضها في الفقه والفرق، وتركنا النقل عن مصادر كثيرة لئلا نطيل، كلها تثبت وجود شخصية اسمها عبد الله بن سبأ، فلا يمكننا بعد نفي وجودها خصوصًا وأن أمير المؤمنين ﵁ قد أنزل بابن سبأ عقابًا على قوله فيه، بأنه إله، وهذا يعنى أن أمير المؤمنين ﵁ قد التقى عبد الله بن سبأ، وكفى بأمير المؤمنين بحجة، فلا يمكن بعد ذلك إنكار وجوده.
نستفيد من النصوص المتقدمة ما يأتي: -
ـ إثبات وجود شخصية ابن سبأ، ووجود فرقة تناصره وتنادى بقوله، وهذه الفرقة تعرف بالسبئية.
ـ أن ابن سبأ هذا كان يهوديًا فأظهر الإسلام، وهو وإن أظهر الإسلام إلا أن الحقيقة أنه بقى على يهوديته وأخذ يبث سمومه من خلال ذلك.
ـ أنه هو الذي أظهر الطعن في أبى بكر وعمر وعثمان والصحابة، وكان أول من قال بذلك، وهو أول من قال بإمامة أمير المؤمنين ﵁، وهو
_________
(١) استدلال الخوئى هنا على أصل التشيع والرفض يأتي أثناء ذكر الأدلة ومناقشتها في هذا الجزء الأول.
1 / 18
الذي قال بأنه ﵁ وصى النبي محمد صلى الله عليه وآله، وأنه نقل هذا القول عن اليهودية؟ وأنه ما قال هذا إلا محبة لأهل البيت ودعوة لولايتهم، والتبرؤ من أعدائهم - وهم الصحابة ومن والاهم بزعمه.
إذن شخصية عبد الله بن سبأ حقيقة لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، ولهذا ورد التنصيص عليها وعلى وجودها في كتبنا ومصادرنا المعتبرة، وللاستزادة في معرفة هذه الشخصية، انظر المصادر التالية:
" الغارات للثقفى، " رجال الطوسي "، " الرجال " للحلي، " قاموس الرجال " للتستري، " دائرة المعارف " المسماة بـ " مقتبس الأثر " للأعلمى الحائري، " الكنى والألقاب " لعباس القمي، " حل الإشكال " لأحمد بن طاووس المتوفى سنة (٦٧٣ هـ)، " الرجال " لابن داود، " التحرير " للطاوسي، " مجمع الرجال " للقهبانى، " نقد الرجال " للتفرشى، " جامع الرواة " للمقدسى الأردبيلى، " مناقب آل أبى طالب " لابن شهر أشوب، " مرآة الأنوار " لمحمد بن طاهر العاملي.
فهذه على سبيل المثال لا الحصر، أكثر من عشرين مصدرًا من مصادرنا تنص كلها على وجود ابن سبأ، فالعجب كل العجب من فقهائنا أمثال المرتضى العسكري، والسيد محمد جواد مغنية، وغيرهما ... في نفى وجود هذه ... الشخصية، ولا شك أن قولهم ليس فيه شيء من الصحة.
انتهى كلام السبد حسين الموسوي، العالم الشيعي النجفي، ومصادره كلها شيعية كما ذكر
1 / 19
الجزء الأول في العقائد:
مقدمة
بعد أن انتهينا من التمهيد للكتاب كله بأجزائه الأربعة ننتقل إلى مقدمة هذا الجزء الأول، فأقول مستعينا بالله ﷾:
لا شك أن الإمامة قد حظيت بكثير من الدراسة والبحث، ولا غرو فأعظم خلاف وقع بين المسلمين إنما كان بسببها.
والشيعة الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية أكبر الفرق الإسلامية المعاصرة وإليها اتجهت دعوة التقريب، لذا رأيت أن أبين عقيدة الإمامة عندهم كما جاءت في كتبهم هم أنفسهم، دون اعتماد على شيء مما كتب عنهم، فبعض من كتبوا عنهم خلطوا بينهم وبين فرق شيعية أخرى.
والإسلام - عقيدة وشريعة - إنما يستمد أصلًا من الوحي الذي أنزله الله ﷿ في كتابه المجيد، وما بينه على لسان رسوله ﷺ في السنة المطهرة.
وصحة عقيدة الجعفرية أو بطلانها لا يثبت إذن إلا بالكتاب والسنة. لهذا رأيت أن أحدد أهم أدلتهم التي تستند إلى القرآن الكريم، وأبين وجهة نظرهم، وأناقشهم فيما ذهبوا إليه.
وإذا كان من اليسير أن نحدد أدلتهم التي تستند إلى القرآن الكريم، فمن العسير تعيين أدلتهم التي تستند إلى السنة النبوية الشريفة، لأن السنة مجال واسع رحب، ودور الكذّابين والوضاعين معروف. والجعفرية معنيون كل عناية بالحديث عن الإمامة، ومحاولة إثبات صحة مذهبهم بالأدلة النقلية والعقلية، ولهم في القديم والحديث مئات المؤلفات، بل عشرات المئات، فقلما نجد عالمًا من علمائهم لم يدل بدلوه في هذا الميدان. وفى مؤلفاتهم نرى الميل إلى الإكثار الزائد من النقل والجدل، مثال هذا أنهم يستدلون على صحة الإمامة بأحد الأحاديث، فجاء كاتب من كتابهم وألف كتابًا في ستة عشر مجلدًا ليثبت به صحة هذا الحديث وشهرته، ومن قبله يقرون كتب غيره كتاب الألفين - أي من الأدلة - في إمامة أمير المؤمنين؟!
1 / 20
وأمام هذا الفيض الزاخر رأيت أن اعتمد أساسًا على ثمانية كتب من كتب السنة هي: الموطأ ومسند الإمام أحمد، والصحيحان، وكتب السنن الأربعة، ثم جمعت كل ما جاء فيها متصلًا بالإمامة سواء أأيد رأيهم أم عارضه، وناقشت ما جمعت سندًا ومتنًا لنتبين دلالة السنة.
أما كتب السنة عند الجعفرية فلم أعتمد عليها لأننى عندما اطلعت عليها رأيت أنها ما وضعت إلا من أجل عقيدتهم وما يتصل بها. على أن كتب الجعفرية التي ينشرونها في الأوساط المختلفة وتتعرض لعقيدتهم في الإمامة، تذكر أن هذه العقيدة تؤيدها كتب السنة عند جمهور المسلمين، ويذكرون أخبارًا كثيرة ينسبونها لهذه الكتب ويحتجون بها. وجمعنا لما جاء في الكتب الثمانية المذكورة آنفًا ومناقشة ما جمع يغنى عن مناقشة ما جاء في كل كتاب من مئات الكتب الجعفرية.
غير أننى لم أكتف بهذا، بل رأيت تخصيص فصل لأدلتهم التي يذكرونها، مع مناقشتها، وهى تعتمد على تحريف القرآن الكريم نصًا ومعنى، وعلى الأحاديث الموضوعة المفتراة.
وهذه الأدلة نرى معظمها في كتابين من كتبهم.
أولهما: كتاب منهاج الكرامة لابن المطهر الحلى، ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية بكتابة منهاج السنة النبوية.
والكتاب الثانى هو: المراجعات لعبد الحسين شرف الدين الموسوي، ورددت عليه بكتابي: المراجعات المفتراة على شيخ الأزهر البشرى.
فتناولت في الفصل شيئًا من كتابى ابن المطهر وعبد الحسين، والرد عليهما، وبينت بعض ما جاء فيهما من الباطل والضلال.
1 / 21
وبعد الحديث عن عقيدة الإمامة، والمناقشة ختمت الجزء بفصل عن العقائد التابعة لعقيدة الإمامة وأهمها: عصمة الأئمة، والبداء، والرجعة، والتقية. فهذا الجزء يقع في خمسة فصول: -
الفصل الأول ...: - الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة.
الفصل الثانى ...: - أدلة الإمامة من القرآن العظيم.
الفصل الثالث ...: - الإمامة في ضوء السنة.
الفصل الرابع ...: - الاستدلال بالتحريف والوضع.
الفصل الخامس: - عقائد تابعة.
نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعًا سواء السبيل، إنه نعم المولي ونعم ... النصير، وهو المستعان.
" رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ"، " سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ علَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
1 / 22
الفصل الأول
الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة
أولا: الإمامة والخلافة
الإمامة لغة التقدم، نقول: أمّ القوم وبهم: تقدمهم. والإمام: ما ائتم به الناس من رئيس أو غيره: هاديًا كان أو ضالًا، ويطلق لفظ الإمام على الخليفة، وهو السلطان الأعظم وإمام الرعية ورئيسهم.
وأممت القوم في الصلاة إمامة، وائتم به أي اقتدى.
ويطلق لفظ الإمام كذلك على القرآن الكريم، فهو إمام المسلمين، وعلى الرسول ﷺ، فهو إمام الأئمة بأئمتها، وعليهم جميعًا الائتمام بسنته التي نص عليها.
ويطلق على قيم الأمر المصلح له، وعلى قائد الجند، وقد يذكر ويراد به غير هذه المعاني (١) .
ولم يرد لفظ الإمامة في القرآن الكريم، وإنما ورد لفظ إمام وأئمة، قال تعالى: -
" قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ " (٢) أي جاعلك قدوة يؤتم به، وقال سبحانه: " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا " (٣)
_________
(١) من بينها مثلا: أمة يؤمه إذا قصده كما جاء في الآية الكريمة الثانية من سورة المائدة
﴿ولا آمين البيت الحرام﴾ انظر مادة " أمم " في لسان العرب والقاموس المحيط.
(٢) البقرة: ١٢٤.
(٣) الأنبياء: ٧٣.
1 / 23