172

Kesatuan Itali

الوحدة الإيطالية

Genre-genre

وكان من الطبيعي أن يعتبر المنورون وحملة الآراء الحرة في أوروبا قائمة الأخطاء هذه حكما قاسيا فكان بدهيا أن تحتج الحكومات المتمدنة على هذه الأحكام التي تؤدي إلى تقويض أساس الحكومة، ولم تكظم الحكومة الإفرنسية غيظها واشتد هياج الرأي العام في البلاد حتى اضطر «دوبانلوب» أسقف أورلئان لتنفيذ النقاط الرجعية في القائمة.

أما في إيطالية فأثارت القائمة الشعور الكامن وألهبته، وبلغ من شدته أن أحبطت كل محاولة تقوم بها الحكومة للتفاهم مع روما على أساس التسامح معها، فانقلب شعور الوطنيين الطليان فجأة إلى خصومة شديدة مما ألهم غاريبالدي أن يصرح في جريدة دموقراطية: «بأن الهدف النهائي للثورة الإيطالية هو القضاء على الكنيسة.» وأخذ أهل مودينه يحيون ريتان واقترح نائب في المجلس النيابي بأن يجبر كل راهب على أن يؤدي يمين الولاء والإخلاص للحكومة.

وكان القانون المدني قد حسم قضية النكاح المدني العويصة؛ فجعل المراسم المدنية إجبارية والطقوس الدينية اختيارية، واغتبط قسم عظيم من الناس بقرار المجلس النيابي القاضي بفرض الخدمة العسكرية على طلاب المدارس الدينية، ولو أن وزارة منجيني شجعت الإكليروس الحر لأقامت في الكنيسة قوة تضطر روما إلى الإذعان.

واستمرت وزارة لامارمورا على السياسة المثيرة ذاتها بمهاجمتها المدارس الدينية ومساعدتها رؤساء البلديات على التدخل في الشئون الطقسية، وبممارستها السلطات القديمة التي تخول الحكومة فرض العقوبة على أعضاء رجال الإكليروس الذين يسيئون استعمال سلطتهم، وقد انقسمت الوزارة في الرأي إلى فريقين متباينين: فريق لم يوافق أبدا على سياسة كافور الإكليريكية، وكان يرى أن منح الكنيسة حريات جديدة هو سياسة خطرة جدا، وكان يرغب في الوصول إلى حل لا يمس الأسس الجوهرية التي سبق أن نظمت الصلات بين الكنيسة والدولة، وأن يتجنب أسباب الاختلاف المهمة، لا سيما المتعلقة بالأسقفيات الشاغرة، على أن تمنح امتيازات جديدة للأساقفة.

أما الفريق الثاني الذي يتمسك بتقاليد كافور؛ فكان لا يرى هذه السياسة حلا للقضية، وكان يعلم بأنه أصبح متعذرا الآن مطالبة روما بالتخلي عن السلطة الزمنية باختيارها، وانحصرت سياسته - في ذلك الوقت - في تمهيد الطريق بإزالة بعض الموانع القائمة بين الكنيسة والهيئة الاجتماعية الحديثة، وكان الفريقان متفقين على إلغاء الأديرة وبيع أملاك الكنيسة، وكان القانون البيمونتي لسنة 1855 قد أعفى نحو نصف المساكن الدينية في الإيالات القديمة، وكان تشريع سنة 1860 وسنة 1861 قد شمل أومبريه والمارك ونابولي، بيد أنه أعفيت في هذه الإيالات أيضا بعض المساكن.

أما في صقلية وفي إميلية ولمبارديه فلم ينفذ إلغاء الأديرة؛ فلذلك كان ما يزال في جميع البلاد نحو من 2400 مسكن يسكنها 47000 من المنتسبين للكنيسة منهم 13000 شخص ينتمون لجمعيات المتسولين ويقدر دخلهم بسبعة عشر مليونا من الليرات يجبى نصفها من صقلية، ولم يك معقولا - أو ممكنا - الاحتفاظ بأديرة دائمة في قسم المملكة، بينما كانت الأديرة ملغاة في الأخير؟ وقد اقتضت بعض الأسباب الاقتصادية استغلال أراضي واسعة لا حق للتصرف بها.

وكانت واردات الأديرة والأسقفيات والجمعيات الكهنوتية نحو خمسين مليونا من الليرات، فإن استمرار الدولة والبلديات على دفع ملايين كثيرة لحاجات الكنيسة أمر لا يطاق، يضاف إلى ذلك الشعور السائد بأن الأديرة تؤلف مراكز لمقاومة كل ما هو حديث نافع، وأنها معسكرات قائمة يستند إليها البابا في كفاحه ضد إيطالية.

وبينما كان العلمانيون المتطرفون يريدون إلغاء جميع الأديرة من دون استثناء؛ كان هنالك شعور قوي بضرورة استبقاء الجمعيات التعليمية التي تهذب 100000 صبي في بعض البيئات الكاثوليكية، وبينما كان جميع الأحرار متفقين على بيع الممتلكات الكنيسية؛ فإن اختلافا عظيما احتدم بينهم حول مصير ثمن ما يباع، وإذا كان الاتفاق قد تم على أن يقوم قسم من تلك الواردات مقام الإعانات التي كانت تدفعها الدولة والناحيات، إلا أن الكلمة لم تتفق على مدى الحصص التي يجب تخفيضها وأية حاجة تقدم على الأخرى أهي حاجة الخزينة أم هي حاجة الكنيسة؟

وبينما كان الفريق الكافوري - ولا سيما ريكاسولي العضو النافذ فيه - يريد إما إيداع الإكليروس المبلغ للتصرف به كما يشاءون، أو وضعه تحت تصرف المجالس التمثيلية في الإيالات والناحيات التي تمثل الإكليروس والمدنيين معا، من دون أن يكون للحكومة دخل فيها؛ كان الفريق الآخر يريد إيداعها إلى مؤسسة حكومية، وكانت وزارة منجيني قد أعدت لائحة قانونية في أوائل سنة 1864 تعالج فيها القضية إلى حد ما بموجب المبادئ التي أثرت عن كافور.

بيد أن وزارة لامارمورا بذلت سياستها بغتة ووضعت لائحة قانون تستند إلى مبادئ الفريق المتطرف، وتصرح - بجرأة - بأن حاجة البلاد المالية أو بالأحرى منفعة الخزينة تتقدم على جميع الاعتبارات، وهي تقترح الاستيلاء على معظم الواردات باسم الخزينة، وذلك بوضع جميع أملاك الكنيسة والأديرة تحت إشراف وزارة المذاهب، وبذلك يصبح الإكليروس هيئة تتولى الدولة إعالتها، فتردد الجميع باللائحة ما عدا الحزب اللاإكليريكي المتطرف، وكان طبيعيا أن يهاجمها الأحرار المعتدلون الذين كانوا يعتبرون أملاك الكنيسة خاصة بالكنيسة. أما الإصلاحيون الكنيسيون فلم يسعهم الموافقة على أن تدير مؤسسة حكومية واردات الأبرشيات القروية.

Halaman tidak diketahui