Di Antara Lonceng Bahaya
وسط أجراس الخطر
Genre-genre
أما الآنسة كيتي بارتليت، فربما لم تكن ستنكر أنها تكن إعجابا صادقا تجاه هذا الشاب النيويوركي المغرور. وقد وقع رينمارك في خطأ الاعتقاد أن الآنسة كيتي شابة تافهة، في حين أنها كانت مجرد فتاة لديها مخزون لا ينضب من المرح والحيوية، كانت تجد لذة مستهجنة في إذهال رجل جاد. وحتى ييتس قد ارتكب خطأ طفيفا في تصوراته عنها في إحدى المرات، حين كانا يتمشيان معا في نزهة مسائية، بذاك التحرر من الوصاية، الذي كان حقا أصيلا منذ الولادة لكل فتاة أمريكية، سواء أكانت تنتمي إلى بيت ريفي أم قصر مليونير.
قال ييتس في وصفه للواقعة بعد ذلك لرينمارك (لأن ييتس لم يكن لديه مثقال ذرة من تحفظ رفيقه في مثل هذه المسائل): «لقد تركت مخططا لأصابعها الأربعة على خدي بدا كأنه خريطة من تلك الخرائط الطوبوغرافية لسويسرا. شعرت من قبل بضربة خفيفة من مروحة يدوية في يد سيدة راقية من باب التوبيخ، لكني لم أواجه في حياتي توبيخا لطيفا بدا كتعنيف حاد من يد صديقنا توم سايرس.»
فقال رينمارك ببعض الحدة إنه كان يأمل ألا ينسى ييتس أنه مجرد ضيف لدى جيرانه.
قال ييتس: «أوه، حسنا. إن كان لديك أي تعاطف إضافي لتقدمه، فاحتفظ به من أجلي. فجيراني قادرون تماما على الاعتناء بأنفسهم، وعلى أهبة الاستعداد لذلك.»
والآن لنحكي عن ييتس نفسه. قد يظن المرء أن أي راو يسرد الأحداث بضمير، على الأقل، سيجد ذلك مهمة سهلة. ولكن وا أسفاه! هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. فحالة ييتس كانت الأشد تعقيدا وتحييرا بين الأربعة بكل المقاييس. فقد كان يشعر بحب عميق وصادق تجاه كلتا الفتاتين. والأمثلة على هذه الحالات ليست نادرة جدا مثلما قد يحاول شاب حديث الخطبة إقناع فتاته البريئة بذلك. وقد عرفت حالات شهدت الاستقرار على هوية رفيقة عمر الرجل بلقاء عابر مع فتاة دون غيرها. شعر ييتس بأن في كثرة المشورة حكمة، ولم يخف حيرته عن صديقه. كان يشتكي أحيانا من أنه لم يحصل على مساعدة كافية لحل المشكلة، لكنه عادة ما كان يقنع تماما بالجلوس تحت الأشجار مع رينمارك وتقييم المزايا المختلفة لكل فتاة منهما. كان أحيانا ما يناشد صديقه، بصفته رجلا ذا عقلية رياضية ويحوز علما واسعا يمتد إلى القطوع المخروطية والصيغ الجبرية، أن يفاضل بين قائمتي المزايا ويعطيه رأيا صريحا قائما على الإحصاءات بشأن هوية الفتاة التي ينبغي أن يفضلها عن الأخرى في طلب الزواج. وحين كان رينمارك يقابل هذه المناشدات ببرود، كان صديقه يتهمه بعدم التعاطف مع محنته، ويقول إنه رجل بلا روح، وإنه لو كان لديه قلب قبل ذلك، فقد اكتسى هذا القلب بقشرة صلبة من فضلات التعليم العالي العديمة الجدوى، ويقسم أنه لن يبوح له مرة أخرى بسر من أسراره. كان يقول إنه سيبحث عن صديق لديه شيء من الخصال البشرية. ومع ذلك، بدا أن هذا البحث عن الصديق المتعاطف كان يبوء بالفشل؛ إذ كان ييتس يعود دائما إلى رينمارك ليحظى، على حد قوله، بماء بارد على لهيب غرامه المزدوج.
كانا في عصر يوم جميل في الثلث الأخير من شهر مايو من عام 1866، وكان ييتس يتأرجح متراخيا في أرجوحته الشبكية، عاقدا يديه معا تحت رأسه، ومنهمكا في تحديق حالم إلى بقع السماء الزرقاء التي كان يراها عبر الأغصان الخضراء للأشجار الممتدة فوق رأسه، فيما كان صديقه المجتهد منهمكا بلا أي عاطفة في تقشير البطاطس بالقرب من باب الخيمة.
قال الرجل المتأرجح متأملا: «أتعرف يا ريني، قلب الإنسان عضو استثنائي، حين تفكر فيه. أظنك، من واقع قلة اهتمامك به، لم تدرس هذا الموضوع كثيرا، اللهم إلا من الناحية الفسيولوجية فقط. لكنه حاليا في رأيي هو الموضوع الوحيد الذي يستحق كل اهتمام الرجل. ربما كان هذا من تأثير الربيع كما يقول الشاعر، لكنه على أي حال يضيف إلي آفاقا جديدة كل ساعة. والآن، توصلت إلى هذا الاكتشاف المهم: إن آخر من أكون معها من الفتاتين تبدو الأحب إلى قلبي. وهذا يتعارض مع ملاحظة فلاسفة العصور الماضية. فهم يقولون إن الغياب يؤجج الغرام في القلب. لا أرى ذلك. فالحضور هو ما يلهب عذاب قلبي. والآن، كيف تفسر ذلك يا ستيلي؟»
لم يحاول البروفيسور تفسير ذلك، بل واصل الاهتمام بما في يده من عمل بصمت تام. فسحب ييتس عينيه من على السماء، وحدق بهما إلى البروفيسور، منتظرا الإجابة التي لم تأت.
ثم قال أخيرا بنبرة متشدقة: «سيد رينمارك، أنا على قناعة تامة بأنك تتعامل مع البطاطس بطريقة خاطئة. فأنا أظن أن البطاطس ينبغي ألا تقشر قبل طهيها بيوم، وتترك منقوعة في الماء البارد حتى غداء الغد. بالطبع يعجبني الكد الدءوب الذي ينهي العمل على ما يرام قبل أن تطلب نتائجه. فلا شيء أشد إزعاجا من ترك العمل حتى اللحظة الأخيرة ثم إنجازه على عجل. ومع ذلك، قد يفرط المرء في الشيء النافع إلى أن يصير ضارا، وقد يبالغ في إنجاز عمله قبل الأوان المناسب.» «حسنا، أنا على أتم استعداد لترك العمل لك. لعلك تتذكر أنني طوال اليومين السابقين كنت أؤدي مهامك إضافة إلى مهامي.»
قال المتأرجح بشهامة ورحابة صدر: «أوه، إنني لا أشكو من هذا إطلاقا. فأنت بذلك يا ريني تكتسب معرفة عملية ستمنحك نفعا أكبر من كل العلم الذي يدرس في المدارس. كل ما أريده أن تكون معرفتك كاملة قدر المستطاع، وفي سبيل هذا أنا مستعد لتجاهل رغبتي الشديدة في أداء مهمة غسل الأطباق. ينبغي أن أقترح عليك أنك، بدلا من أن تتكبد عناء إزالة قشرة البطاطس كلها بهذه الطريقة الشاقة، ينبغي أن تكتفي فقط بتقشير حزام حول أوسع جزء من محيطها. ثم، بدلا من أن تطهو البطاطس بالطريقة البطيئة المملة التي يبدو أنها تمتعك، ينبغي أن تسلقها سريعا مع وضع قليل من الملح في الماء. حينئذ سيلتوي الجزء المتبقي من القشرة وتنبعج إلى الخارج، وتكون حبة البطاطس الناتجة بيضاء وجافة ومليئة بالنشا، وليست أشبه بإسفنجة مبللة.» «جمال النصيحة يكمن في توضيحها عمليا يا ييتس. فإن لم تكن راضيا عن طريقتي في سلق البطاطس، أعطني درسا عمليا بالأمثلة.»
Halaman tidak diketahui