يطيعونه بانقياد، ويذهبون بالفعل معه لتخريب كورة هذه المدينة (398) التي هي بأيدي النصارى. وفي مقابل ذلك لا يدفعون لملك فاس أية ضريبة باستثناء عوائد زهيدة من أراضيهم الزراعية. بيد أنهم يجنون الكثير من الربح من جبلهم الذي ينتج الكثير من خشب البقص الذي يستخدمه صناع الأمشاط العاملين في فاس. ففي كل السنين يستورد هؤلاء الصناع كمية كبيرة من الخشب من هذا الجبل (399).
الريف: منطقة من مملكة فاس
الريف منطقة من مملكة فاس تبدأ من تخوم مضيق أعمدة هرقل (400) وتمتد شرقا حتى نهر النكور، وهذا يمثل حوالي مائة وأربعين ميلا (401)، وتنتهي شمالا على البحر المتوسط بمحاذاة قسم منه. وتمتد من هناك في اتجاه الجنوب على مسافة أربعين ميلا (402) أي حتى الجبال التي تحاذي نهر الورغة، الذي يقع في منطقة فاس. وهذه المنطقة عبارة عن بلاد كؤودة، مليئة بالجبال الشديدة البرودة والمستورة بالعديد من الغابات التي تظهر فيها أشجار ضخمة جدا مستقيمة تماما (403). ولا ينبت في الريف الكثير من القمح، ولكن نعثر فيه على الكثير من أشجار التين والبرتقال.
وسكان الريف شجعان، غير أنهم اعتادوا شرب الخمر، وكسوتهم رديئة. وفي هذه البلاد القليل من الحيوانات، باستثناء الماعز والحمير والقردة، التي تعيش على شكل مجموعات كبيرة في هذه الجبال. وليس في هذه الجبال سوى القليل من المدن، وكل القرى الهامة عبارة عن قصور أو قرى (404) لسكانها بيوت بائسة لا تحوي أكثر من مسكن أرضي، ومبنية كالزرائب التي نراها في أرياف أوروبا، مع سقوف من قش أو من لحاء الشجر.
Halaman 326