وهو جبل السوس، ويتاخم من الشمال الأطلس حتى حضيض هذا الجبل تقريبا، ومن الشرق منطقة الدرعة.
وسكان هذا الإقليم أناس أجلاف، ومحرومون من العملة النقدية، ولكن لديهم الكثير من الماشية وكمية كبيرة من الشعير. وتوجد في هذه المنطقة عدة مناجم للنحاس والحديد، وهكذا يصنعون أوعية عديدة من النحاس يحملونها إلى مختلف الأنحاء لمقايضتها بالأقمشة والتوابل والخيول وجميع ما يحتاجون اليه (213). ولا يوجد في هذ الجبل (214) أية مدينة، أو قصر، بل توجد قرى كبيرة فحسب، تضم أحيانا ألف أسرة، وأحيانا أكثر، وأحيانا أقل. وليس لسكان هذه الكورة أمير، بل يحكمون أنفسهم بأنفسهم، ولهذا كثيرا ما ينقسمون على أنفسهم ويحتربون فيما بينهم. وفي أثناء كل هدنة، يستطيع المتخاصمون أن يتاجروا فيما بينهم وأن يذهبوا من قرية لأخرى. ولكن فيما عدا هذه الأيام فهم يقتتلون كالوحوش. وفي الفترة التي مررت فيها في هذه المنطقة، كان منظم الهدنات ناسكا كان له بينهم شهرة القداسة. وكان هذا الرجل المسكين أعور، والحقيقة لم أر فيه سوى الطهر والوداعة والشفقة.
ويلبس سكان هذه المنطقة صدرية قصيرة من الصوف، دون أكمام، ملتصقة كل الالتصاق بأجسامهم. ويتسلحون بخناجر محنية وعريضة، مدببة في نهايتها وحادة من حافتيها، وسيوفهم مثل سيوف أهل الدرعة. ويقام في منطقتهم سوق يستمر مدة شهرين، وفي أثناء انعقاد السوق يقدم الطعام لكل الغرباء المتواجدين، ولو كان عددهم عشرة آلاف. وعندما يأذن موعد السوق تعقد هدنة ويختار كل زعيم حزب قائدا مع مائة من المشاة لتأمين حراسة السوق وسلامة الوافدين إليه. وينظم هذا الحرس الدوريات ويعاقب كل المفسدين حسب أهمية جريرة كل منهم. ويقتل اللصوص فورا إذ تخترق
H. E
Halaman 156