============================================================
العالمين، ولتبطين على نعيم المتنعمين، ولثن خالفت أحوال المتقين لتكونن من المحبوسين في أهوال يوم الدين.
ويحك !ا تدبر ما سمعت. وبعد: فإن زعمت أنك في مثل خيار السلف قنع بالقوت، زاهد في الحلال، بذول لمالك، مؤثر على نفسك، لا تخشى الفقر، ولا تدخر لغد، مبغض للتكاثر والغني، راض بالفقر والبلاء، فرح بالقلة والمسكنة، مسرور بالذل والضعة، كاره للعلو والرفعة، قوي في أمورك، لا يتغير عن الرشد قلبك، قد حاسبت نفسك في الدنيا، وأحسمت أمورك كلها على ما وافق رضوان الله عز وجل . ولن توقف للمساءلة، ولا يحاسب مثلك من المتقين ، وإنما تجمع المال الحلال للبذل في سبيل الله .
ويحك أيها المغرور: فتدبر الأمور. وأحس النظر. أما علمت أن ترك الاشتغال بالمال وفراغ القلب للذكر والتذكر والتذكار، والفكر والاعتبار، أسلم للدين؟ وأيسر للحساب ؟ وأخف للمساءلة ؟ وآمن من روعات القيامة؟ وأجزل للثواب ؟ وأعلا لقدرك عند الله سبحانه وتعالى أضعافا؟ بلغنا ذلك عن بعض الصحابة أنه قال : "لو أن رجلا في حجره الدنانير يعطيها، والآخر يذكر الله، لكان ذاكر الله تعالى أفضل" .
وبلغنا أنه سثل بعض أهل العلم في الرجل يجمع المال لأعمال البر فقال : " تركه أبر به" . وبلغنا أن بعض خيار التابعين، سئل عن رجلين أحدهما طلب الدنيا حلالا فأصابها فوصل بها رحمه وقدم لنفسه، والآخر جانبها فلم يطلبها ولا تناولها، فأيهما أفضل؟ فقال : "بعيد والله ما بينهما . الذي جانبها أفضل كما بين مشارق الأرض ومغاربها" ويحك !! فهذا الفضل لك بترك الدنيا على من طلبها في الآجل، ولك في العاجل أن ترك الاشتغال بالمال أروح لبدنك، وأقل لتعبك، وأنعم لعيشك، وأرضى لبالك، وأقل لهمومك وغمومك، فما عذرك في جمع المال وأنت بترك المال أفضل من طلب المال لأعمال البر؟
نعم : وشغلك بذكر الله أفضل من بذل المال في سبيل الله . فاجتمع لك
Halaman 90