فرد غصته وترقرقت عيناه وقال:
لو ترك القطا ليلا لنام!
قالت: يا ويلتى! أفتغصب نفسك اغتصابا؟! فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي! ولطمت وجهها، وأهوت الى جيبها وشقته وخرت مغشيا عليها!
فقام إليها الحسين [(عليه السلام)] فصب على وجهها الماء وقال لها:
يا اخية: اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الارض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله الذي خلق الأرض بقدرته، ويبعث الخلق فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني، وامي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولهم ولكل مسلم برسول الله اسوة.
فعزاها بهذا ونحوه وقال لها:
يا اخية! اني اقسم عليك فأبري قسمي: لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها، ولا تدعي علي بالويل والثبور اذا انا هلكت!
ثم جاء بها حتى اجلسها عندي.
وخرج الى اصحابه فأمرهم ان يقربوا بعض بيوتهم من بعض، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض، وأن يكونوا هم بين البيوت إلا الوجه الذي يأتيهم منه عدوهم (1).
واتي [الحسين (عليه السلام)] بقصب وحطب الى مكان من ورائهم منخفض كأنه ساقية، فحفروه في ساعة من الليل فجعلوه كالخندق، ثم ألقوا فيه ذلك الحطب والقصب وقالوا: اذا عدوا علينا فقاتلونا ألقينا فيه النار، كي لا نؤتى من ورائنا وقاتلنا القوم من وجه واحد (2).
Halaman 201