121

Wajh Wa Qinac

الوجه والقناع

Genre-genre

قال ماكلين وهو يمد يده: «إذن، الوداع يا إيفيت.» ترددت هي لحظة، ثم من دون أن ترفع نظرها، وضعت كفها الصغير في كفه.

وقفا على هذه الحال برهة تحت الأشجار، بينما راحت النافورة بجانبهما تقطر وتهدر بصوت موسيقي. وكان ظل الكنيسة يزحف نحوهما في بطء على الحصى. وكانت الحديقة مهجورة إلا من وجودهما. حاولت الفتاة أن تسحب يدها من يده برقة، لكنه ظل ممسكا بها.

سألها ماكلين وفي صوته نبرة من العتاب: «أليس لديك ما تقولينه لي يا إيفيت؟»

لم تجبه. أمسك بأصابعها وكانت تنسل من قبضته، ولامس الظل قدميها. «إيفيت، هلا قبلتني قبلة الوداع على الأقل؟»

سحبت يدها سريعا من يده، وهزت رأسها واستدارت مبتعدة.

راح يرقبها حتى ابتعدت عن الأنظار، ثم سار ببطء نحو منزله في بوليفارد سان جيرمان. لم يكن في أفكاره ما يواسيه. كان قد خاب أمله في إيفيت. كانت الفتاة ماهرة للغاية وذكية، وكان يتوقع أنها ستقول شيئا جارحا وهو يعرف أنه يستحق ذلك. لكن لم تكن لديه أدنى فكرة أنها قد تكون متحجرة القلب على هذا النحو. ثم تحولت أفكاره نحو الفتاة اللطيفة في موطنه. كانت تلك الفتاة أيضا تمتلك صفات في شخصيتها تذهل شابا صادقا مثله. وكانت خطاباتها ولفترة طويلة غير منتظمة وغير مرضية. لم يكن من الممكن أن يكون قد تناهى إلى سمعها أي شيء. لكن، ليس هناك شيء أسهل من الإنكار التام، وسينظر هو في هذا الأمر حين يصل إلى وطنه.

وكان هناك تفسير لذلك ينتظره في حجرته في بوليفارد. كان هناك طابع أجنبي على مظروف الخطاب، وكان الخطاب من الفتاة اللطيفة. كتبت إليه أنه كان هناك خطأ ما، لكنها سعيدة باكتشافه سريعا قبل فوات الأوان. وأخذت تلوم نفسها في مرارة على مدى ثلاث صفحات، وفي الصفحة الرابعة فهم أنها ستكون قد تزوجت بحلول الوقت الذي سيصله فيه الخطاب. بدا أنه ليس هناك شك في أن الفتاة اللطيفة أدركت تماما كيف أنها عاملت بدناءة شابا موهوبا كادا في عمله وطموحا وواثقا في نفسه، لكن إدراك ذلك لم يؤجل أجراس الزفاف ولو لثانية واحدة.

جعد ماكلين الشاب الخطاب في يده وتلفظ بكلمات بذيئة، وكان في ذلك محقا. وأطلق ضحكة جادة عالية على ما تتمتع به المرأة من شيم الغدر. ثم تحولت أفكاره نحو إيفيت. لم تكن الفتاة ثرية يا للأسف! لقد أدرك ماكلين مثل الكثير من الرجال النبلاء الموهوبين أنه لا يستطيع أن يتزوج امرأة فقيرة. ثم فكر في أن إيفيت يمكن ألا تكون فقيرة. وكلما أطال التفكير في الأمر ازداد ذهوله لكونه قد أخذ فقرها كشيء مسلم به. كانت الفتاة ترتدي ملابسها كالأثرياء، وتلك الملابس تكلف الكثير من المال في باريس. وتذكر أنها كانت ترتدي ساعة مرصعة بالجواهر في تلك المرة التي رآها فيها للحظة واحدة. تمنى ماكلين لو أنه أجل تبريره لها يوما واحدا، لكن ذلك شيء يمكن علاجه بسهولة. سيقول لها إنه تخلى عن الفتاة الأخرى لأجلها. وآلمه فجأة أنه تذكر أنه لا يعرف عنوانها ولا حتى اسم عائلتها. لكن كان من المؤكد أنها ستأتي إلى الحديقة مرة أخرى، وأنه سيمكث في تلك الحديقة حتى تأتي. كما أن مكوثه في الحديقة سيزيد من مصداقية حبه المتفاني. على أي حال، لا شيء يمكن أن يفعله هذه الليلة.

وفي الصباح كان مسرورا للغاية حين تسلم خطابا من إيفيت، وكان مسرورا أكثر حين قرأ ما تحويه. كانت في خطابها تطلب أن تقابله للمرة الأخيرة خلف الكنيسة.

لم أستطع اليوم أن أعبر لك عن كل ما شعرت به. ستعرف بذلك غدا، إذا ما قابلتني. لا تخش أن ألومك. ستتلقى هذا الخطاب في الصباح. وبحلول الثانية عشرة سأكون بانتظارك على المقعد السادس في الصف الواقع جنوبي النافورة ... المقعد السادس ... وهو الأبعد عن الكنيسة.

Halaman tidak diketahui