179

Wahyu Baghdad

وحي بغداد

Genre-genre

وأقول بصراحة إن هذه نعمة من نعم الإخلاص، وإلا فمن هو الدكتور زكي مبارك حتى يكون من حظه أن يقال إنه أعظم مؤرخ للشريف الرضي، وتلك كلمة قالها رجل نبيل لا تنفرج شفتاه عن لفظة إلا بعد أن يديرها في قلبه عدة أسابيع، هي كلمة معالي الأستاذ الجليل محمد رضا الشبيبي الذي أتذكر به حين أراه مقام الوزير العظيم أبي الفضل بن العميد.

من أنا وما شأني حتى أكون أعظم مؤرخ للشريف الرضي؟

هي نعمة أقدم شكرها لله بدمعي ودمي.

وقد تمت هذه النعمة على أجمل وجه، فكتاب (عبقرية الشريف الرضي) هو أسلوب من البحث لم يسبق له مثال، وسيكون باعثا على نهضة شعرية ستعرفون خطرها بعد حين.

ولكن لا بد من تذكيركم بقيمة الشريف الرضي، وهذا التذكير قد يؤذيني، لأنه سيدعو المئات والألوف والملايين إلى منافستي، وأنا أرحب بذلك، وأقول إن صحبتي للشريف الرضي كانت السبب في أن يقوي روحي فأكتب نحو خمسة آلاف صفحة في أشهر معدودات بحيث شغلت جرائد مصر ولبنان والعراق، وأرجو أن يدوم هذا النشاط فيما بقى من حياتي.

كنت أشرع في قراءة قصيدة من شعر الشريف فأحس نفسي تستفحل وتستأسد فأعود إلى موضوع آخر فأصوغه أجمل صوغ، وكذلك نظمت خمسة مجلدات في زمن قليل.

وبهذه المناسبة أذكر كتاب (نهج البلاغة) وهو كتاب حامت حوله شبهات، وناضلت في سبيله جماعة من المستشرقين يوم كنت في باريس، وتجدون شواهد ذلك في كتاب (النثر الفني) وكانت حجتي أن التشكيك في نهج البلاغة نشأ في بيئات أموية كان يسوؤها أن يشتم معاوية على لسان علي بن أبي طالب، ويسرها أن يكون ذلك الشتم مخترعا، فلما طالت صحبتي للشريف في هذا العام تأكدت أن الشريف الرضي أعظم نفسا وروحا وقلبا من أن يكذب، ولو جاز الكذب على الشريف الرضي لجاز الكذب على جميع الناس، وكان من واجبنا أن نعتقد أن التاريخ ضلال في ضلال.

والذين اطلعوا على (عبقرية الشريف الرضي) يرون أن ذلك الرجل عاش في دنياه بلا صديق، ولو أنه كان اخترع كتاب «نهج البلاغة» لزلزلت الأرض تحت قدميه، ولكان أخوه نفسه أول من يذيع عنه الأراجيف.

عاش الشريف في بلية من غدر الأهل والأصدقاء، ومن كان في مثل تلك الحال لا يجد من يستر عيبه حين يزور كتابا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

فأريحوا قلوبكم من التفكير في هذه المسألة فهي ليست من المعضلات.

Halaman tidak diketahui