============================================================
191 الوحيد في سلوك أهل التوحيد قال لي: لا تأكل العنب، قال: فما قدرت بعد ذلك أذوق عنبة أصلا، فبرأت من ذلك المرض.
فانظر يا آخى إلى هذا التعليم بكل نوع يناسب الحال والوقت والشخص، فهم يعلمون الناس تارة بالأقوال وتارة بالأفعال وتارة بالإيلام وتارة بالأحكام وتارة بالإيماء الإفهام وتارة بصريح الكلام وتارة بالرؤيا والمنام وتارة في البرء والسقام، وحيث اطلع الشيخ على العلة وعرفها وعرف دواعها أتبعها بالدواء سواء كان من مر النفس أو حلوها ولا يخون الله تعالى فيما ائتمنه عليه، فإن رأى في المريد عجزا عن أمثال ذلك الذي يقصده له أوقفه عن شرب ذلك الدواء واستعمل له ثانيا ولاطفه وإذا لاطفه في كل أحواله فقد مكر به لأنه لم يصلح عنده فإياك ثم إياك من مكر الشيوخ بما يطيب النفوس ويجرع كاسات الألم والمرارات، فإن العز في الذل مستور والذل في عز الدنيا محجوب، وبالله التوفيق، ولقد أحسن من قال : لا تقني ماء الحياة بذلة بل اسقني بالعز ماء الحنظل وأخبرني الشيخ جمال الدين بن الشيخ أبي العباس المرسي عن مريد الشيخ وهو الشيخ نحم الدين الأصبهاي، وهو رجل كبير مشهور أنه كان يرى الشيخ في منامه ويرنيه، ويراه في عا لم الغيب كذلك ويرتيه ويأمره وينهاه، وأنه سافر من بلاد العجم إلى ديار مصر وبقي يتبصر في المشايخ حتى يرى الشيخ الذي كان يأتيه في المنام، فلما وصل ديار مصر دخل على الشيخ أبي العباس المرسي فأسر له بجميع ما كان يجري له معه في المنام وفي عالم الغيب وهو الآن موجود، وهو جليل القدر وهو بمكة، شرفها الله تعالى.
ولا اعتراض في ذلك؛ إذ كان الوحى للسادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أعظم، وقد كان يوحى إليهم في المنام كالسيد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، ورؤية السيد يوسف الصديق اللييلة، وقد كان يوحى إلى بعض السادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في المنام.
ومنهم من يريوه بالتخصيص والاهتمام، كما حكي عن الشيخ أبي الحسن الوفائى، حرحمه الله تعالى، قال: حيت إلى زيارة الشيخ أحمد الجباس فوجدت عنده
Halaman 181