)
وَمَا أحسن قَول الأرجاني الْبَسِيط
(إِذا عرف الْإِنْسَان أَخْبَار من مضى ... توهمته قد عَاشَ فِي أول الدَّهْر)
(وتحسبه قد عَاشَ آخر دهره ... إِلَى الْحَشْر إِن أبقى الْجَمِيل من الذّكر)
(فقد عَاشَ كل الدَّهْر من كَانَ عَالما ... كَرِيمًا حَلِيمًا فاغتنم أطول الْعُمر)
وَرُبمَا أَفَادَ التَّارِيخ حزما وعزما وموعظة وعلما وهمة تذْهب هما وبيانا يزِيل وَهنا ووهما وجيلا تثار للأعادي من مكامن المكائد وسبلًا لَا تعرج بالأماني إِلَى أَن تقع من المصائب فِي مصائد وصبرًا يَبْعَثهُ التأسي بِمن مضى واحتسابا يُوجب الرِّضَا بِمَا مر وحلا من القضا وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك هود فكم تشبت من وقف على التواريخ بإذيال معال تنوعت أجناسها وتشبه بِمن أخلده خموله إِلَى الأَرْض وأصعده سعده إِلَى السهى لِأَنَّهُ أَخذ التجارب مجَّانا مِمَّن انفق فِيهَا عمره وتجلت لَهُ العبر فِي مرْآة عقله فَلم تطفح لَهَا من قلبه جَمْرَة وَلم تسفح لَهَا فِي خَدّه عِبْرَة لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة لأولى الْأَلْبَاب يُوسُف فَأَحْبَبْت أَن أجمع من تراجم الْأَعْيَان من هَذِه الْأمة الْوسط وكملة هَذِه الْملَّة الَّتِي مد الله تَعَالَى لَهَا الْفضل الأوفى وَبسط ونجباء الزَّمَان وأمجاده ورؤوس كل فضل واعضاده وأساطين كل علم وأوتاده وأبطال كل ملحمة وشجعان كل حَرْب وفرسان كل معرك لَا يسلمُونَ من الطعْن وَلَا يخرجُون عَن الضَّرْب مِمَّن وَقع عَلَيْهِ اخْتِيَار تتبعي واختباري ولزنى إِلَيْهِ اضطرام تطلبي واضطراري مَا يكون متسقا فِي هَذَا التَّأْلِيف دره منتشقا من روض هَذَا التصنيف زهره فَلَا أغادر أحدا من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وأعيان الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ والملوك والأمراء والقضاة والعمال والوزراء والقراء والمحدثين وَالْفُقَهَاء والمشايخ والصلحاء وأرباب الْعرْفَان والأولياء والنحاة والأدباء وَالْكتاب وَالشعرَاء والأطباء والحكماء والألباء والعقلاء وَأَصْحَاب النَّحْل والبدع والآراء وأعيان كل فن اشْتهر مِمَّن اتقنه من الْفُضَلَاء من كل نجيب مجيد ولبيب مُفِيد الطَّوِيل
(طواه الردى طي الرِّدَاء وغيبت ... فواضله عَن قومه وفضائله)
فقد دَعَوْت الجفلى إِلَى هَذَا التَّأْلِيف وَفتحت أبوابه لمن دَخلهَا بِلَا تسويغ تسويف وَلَا تكليم تَكْلِيف وَذكرت لمن يجب فتحا يسره أَو خيرا قَرَّرَهُ أَو جودا أرْسلهُ أَو رَأيا أعمله أَو حَسَنَة أسداها أَو سَيِّئَة أبداها أَو بِدعَة سنّهَا وزخرفها أَو مقَالَة حرر فنها وَعرفهَا أَو كتابا وَضعه)
أَو تأليفًا جمعه أَو شعرًا نظمه أَو نثرا أحكمه الْبَسِيط
1 / 27