...وقد رأيت غالب الناس يحرصون على الصف الثاني والثالث مما يعتقدونه الروضة ويتركون بقية الصف الأول مما يلي المنبر من جهة المغرب حرصا على الكون فيما يعتقدونه الروضة وهذا خطأ فقد صرح العلامة النووي بتفضيل الصلاة في الصف الأول أيام الموسم وهو مما زاده عثمان رضي الله عنه على الصلاة في الروضة الشريفة مع قوله أن المضاعفة الواردة في مسجده صلى الله عليه وسلم خاصة بالموجود في زمنه صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزه إلى ما زيد فيه وعلل ذلك بأن الفضيلة المتعلقة بهيئة العبادة أفضل من المتعلقة بمحلها وصرح أيضا بأن المنبر ونحوه لا يقطع الصف على أن الخطيب ابن جملة نقل عن الشيخ محب الدين الطبري أن المسجد المشار إليه من حديث المضاعفة وهو ما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم مع ما زيد فيه لأخبار وآثار وردت في ذلك واستحسنه ابن جملة على ما ذهب إليه النووي في كتبه من التخصيص مع أن الشيخ برهان الدين ابن فرحون نقل أنه لم يخالف في هذه المسألة غير النووي وأن الشيخ محب الدين الطبري نقل في كتاب (الأحكام) أن النووي رجع عن ذلك قال: ونقل عبد الله بن فرحون في شرح (مختصر الموطأ) أنه وقف على كتاب من كتب المالكية فيه أن مالكا سئل عن ذلك فقال ما أراه عليه السلام أشار بقوله: (في مسجدي هذا) إلا لما سيكون من مسجده بعده ولأن الله تعالى أطلعه على ذلك. انتهى.
... قلت: وقد نقل ذلك الأقشهري في روضته عن عبد الله بن نافع الصالح صاحب مالك عن مالك رحمه الله ولفظه في أثناء كلامه، قيل له أي مالك: فحد المسجد الذي جاء فيه الخبر هو على ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو هو على ما هو عليه الآن؟ قال: بل هو على ما هو عليه الآن، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بما يكون بعده وزويت له الأرض فأري مشارقها ومغاربها وتحدث بما يكون بعده فحفظ ذلك من حفظه في ذلك الوقت ونسي ذلك من نسيه ولولا هذا ما استجاز الخلفاء الراشدون المهديون أن يزيدوا فيه شيئا بحضرة الصحابة ولم ينكر عليهم ذلك منكر، على أنه يوجد مما سيأتي في الكلام على مصلى العيد على تلك الجهة التي في غربي المنبر روضة أيضا لقوله في الحديث الآتي:
(منبري والمصلى روضة من رياض الجنة). ...
Halaman 165