... ولا شك أن ذلك الجري عظيم أبلغ مما ذكرت بمرات كثيرة والذي يظهر لي أن فاعل ذلك إذا حاز به ذلك الأول في الروضة الشريفة لا تحصل له فضيلتها لأن القربة إذا جعلت على وجه منهي عنه لا ثواب فيها وإن صحت كما يتبين في موضعه بل يأتي فاعل ذلك بما قدمناه وما أقبح خاسرا يظن أنه رابح وهالكا يظن أنه ناجح، ويجب على ولي الأمر أيده الله تعالى إزالة هذا الأمر والمنع منه ومعاقبة من تمادى عليه ولقد كنت أنكر هذا الأمر وأظنه إنما حدث في هذا الزمان حتى رأيت العلامة ابن فرحون وغيره ذكر ذلك ونبه على أنه شاهد شرورا وأمورا عصيبة اتفقت من المتسابقين بسبب ذلك قال: ولو فتح صاحب النوبة الأول فالأول منهم لأزال هذه المفسدة العظيمة عنهم وهو بامتناعه من ذلك مدخل نفسه في عموم (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) والمسؤول من الله تعالى الهداية والتوفيق فهو يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
...
ومن ذلك أن في ليالي الزيارات المشهورة كأول جمعة في رجب والسابع والعشرين منه وليلة النصف من شعبان والسابع والعشرين من رمضان بل في غالب ليالي الجمعات يكثر اجتماع النساء فيما بين المغرب والعشاء تجاه الوجه الشريف وهن على هيئة منهي عنها في خروجهن من التزين والتطيب بأنواع الروائح العطرة ثم يجتمع معهن ويخاطبهن في ذلك الوقت جمع كثير من الرجال ممن يريد الفساد وأما أهل الخير ومن عنده حياء فيتجنب الزيارة في ذلك الوقت ويستمر ذلك مفسدة عظيمة. ...ذكر لي بعض من أثق بهم بأنه شاهد أشياء استقبح ذكرها بتلك الحضرة الشريفة والطريق في إزالة هذه المفسدة أن يجعل هذا الوقت وهو ما بين المغرب والعشاء في تلك الليالي وأقبل بالنساء ويمنع الرجال والاختلاط بهن في ذلك الوقت وتكون زيارتهم بعد صلاة العشاء أو قبل صلاة المغرب وقد حاول خدام الحرم ذلك عند قيام بعض أهل الخير فيه فلم يتم لهم لشدة شكيمة المفسدين والطريق في إزالة ذلك أن يأمر صاحب المدينة الشريفة ويباشره بنفسه مدة حتى تستمر العادة به ويبلغ أهل الفساد وفعل ذلك من المهمات العظيمة ولو فتح بعض أبواب الدرابزين المتقدم ذكرها، وجعل للنساء هذا الوقت دائما وتقف جماعة من الخدام على الباب لمنع من يخالطهن لكان من أعظم الحسنات والله تعالى أعلم.
Halaman 162