ونقل أهل السير أنهم كانوا يأخذون من تراب قبر النبي صلى الله عليه وسلم فأمرت عائشة رضي الله عنها بجدار فضرب عليهم
وكان في الجدار كوة فكانوا يأخذون منها فأمرت بالكوة فسدت.
وقد روى أبو داود في سننه عن القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء وروى الدخول إليها غير القاسم أيضا فإن قيل إزالة ذلك يستدعي حركات كثيرة وقد روى عن عائشة رضي الله عنها إنها كانت تسمع الوتد والمسمار يضرب في الدور المطيفة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم فترسل إليهم أن لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما عمل مصراعي داره إلا بالمناصع توقيرا لذلك وأن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم دعت نجارا يعلق ضبة لها وأن النجار ضرب مسمارا في الصفة ضربا شديدا وأن عائشة رضي الله عنها صاحت بالنجار وكلمته كلاما شديدا وقالت: ألم تعلم أن حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته إذا كان حيا؟ فقالت الأخرى وماذا أسمع من هذا قالت عائشة رضي الله عنها إنه ليؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت هذا الضرب كما يؤذيه لو كان حيا.
قالت إنما نهت عائشة رضي الله عنها على ذلك طلبا منها للاقتصار على قدر الحاجة من ذلك لأن فعل ما زاد عليه في تلك الحضرة الشريفة ليس من الأدب وهو صلى الله عليه وسلم يتأذى ممن لا يراعى كمال الأدب معه لأنه حي الدارين ولما تقدم عن الترمذي الحكيم من تأذي روح الميت بالجلوس على قبر مكثا لمها بترك إقامة الحرمة لها.
وقد روى عن أبي الجوزاء قال قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة رضي الله عنها فقالت فانظروا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمى عام الفتق.
Halaman 139