193

Wafa Wafa

وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى‏ - الجزء1

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٩

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Geografi
وفي الكبير للطبراني ورجاله ثقات عن الشموس بنت النعمان قالت: نظرت إلى رسول الله ﷺ حين قدم ونزل وأسس هذا المسجد مسجد قباء، فرأيته يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يهصره الحجر، وأنظر إلى بياض التراب على بطنه أو سرته، فيأتي الرجل من أصحابه ويقول: بأبي وأمي يا رسول الله أعطني أكفك، فيقول: لا، خذ مثله، حتى أسسه، ويقول: إن جبريل ﵇ هو يؤم الكعبة، قالت: فكان يقال: إنه أقوم مسجد قبلة.
قلت: قد صح أنه ﷺ كان يستقبل بيت المقدس حتى نسخ ذلك، وجاءت القبلة وهم في صلاة الصبح فأخبرهم، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة؛ فيحتمل:
أن جبريل ﵇ كان يؤم به البيت ليستدل به على جهة بيت المقدس لتقابل الجهتين، ولعلمه بما يؤول إليه الأمر من استقبال الكعبة، أو أنه ﷺ كان مخيّرا في ابتداء الهجرة في التوجه إلى بيت المقدس أو إلى الكعبة كما قاله الربيع فأمّ به جبريل البيت لذلك، واختياره الصلاة لبيت المقدس أولا لاستمالة اليهود، أو أن استقبال الكعبة كان مشروعا في ذلك الوقت ثم نسخ ببيت المقدس ثم نسخ بالكعبة، لما قاله ابن العربي وغيره من أن القبلة نسخت مرتين، أو أن ذلك تأسيس آخر غير التأسيس الأول، ويدل لهذا الأخير ما قدمناه من راوية ابن شبة.
وقوله في حديث الشموس المتقدم «حتى يهصره الحجر» أي: يميله. وأورده المجد من رواية الخطابي بلفظ آخر، فقال: وروى الخطابي عن الشموس بنت النعمان قالت:
كان رسول الله ﷺ حين بنى مسجد قباء يأتي بالحجر قد صهره «١» إلى بطنه فيضعه، فيأتي الرجل يريد أن يقله فلا يستطيع حتى يأمره أن يدعه ويأخذ غيره، ثم قال: صهره وأصهره إذا ألصقه بالشيء، ومنه اشتقاق الصهر في القرابة.
وروى ابن شبة أيضا أن عبد الله بن رواحة كان يقول وهم يبنون في مسجد قباء:
أفلح من يعالج المساجدا
فقال رسول الله ﷺ «المساجدا» فقال عبد الله:
ويقرأ القرآن قائما وقاعدا
فقال رسول الله ﷺ «وقاعدا» فقال عبد الله:
ولا يبيت الليل عنه راقدا
فقال رسول الله ﷺ «راقدا»، والله أعلم.

(١) صهر الشيء إليه: قرّبه وأدناه.

1 / 197