ورودِه
ويقال: فلانٌ ينسخُ القرآنَ بالسنَةِ، وفُلانٌ (١) لا ينسخُ القرآنَ بالسنَّةِ.
وهذا الاستعمالُ متفَقٌ على إطلاقه، وهو مجازٌ عندنا في جميع ذلك، إلا في ناصب الدَّلالةِ على رفع حكمِ الخطاب، لأنه تعالى هو الرافعُ للحكم في الحقيقة بقوله الذي نسخَ، والنَسخُ قولُه الذي به يكون ناسخًا.
ومعتقِدُ نسخِ القرآنِ بالسنَةِ ليس برافعٍ لحكم القرآنِ، لكنَه مخبِرٌ عن رفع الله له بقوله على لسان رسوله ﵊.
وكذلك الدليلُ الدال على رفع الحكمِ ليس برافع له على الحقيقة، وإنما يدل على رفع اللهِ له به.
وكذلك الحكمُ الثاني ليس برافع للأول، وإنما الرافعُ له مَنْ رفعَ الأولَ وأبدلَه بالثاني، فدل بهذا النفيِ على أنه مجازٌ في جميع ذلك، إلا ما تحقَقَ في حقِّ اللهِ جل ثناؤه، إذ كان هو الرافعَ بإضافة النَسخ إليه، وهو مَنْ (٢) يرفعُ وُيثْبِتُ حقيقةً.
والمعتقدُ للنَسخ يعلمُ برفعه وُيخْبِرُ، والرفعُ لم يحصلْ باعتقاده ولا بخَبَرهِ، يوضِّحُ ذلك: أنه لو لم يعتقدْ ولم يُفْتِ بالنسخ، لما عادَ الحكمُ ثابتًا، ولو لم ينْزِلِ الله وحيًا يأمرُ بالرفع والإِزالةِ، لكان الحكمُ ثابتًا، فبانَ بذلك أنه هو الرَّافعُ (٣) للحكم حقيقةً.
(١) في الأصل: "العراقي".
(٢) وردت في الأصل: "ممن"، وهو غلط.
(٣) كتب في الأصل: "الرفع"، وصوابها ما أثبتناه.