Wadi Natrun
وادي النطرون: ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة
Genre-genre
وبعد تتويجه قرر أن يزور صحراء القديس مقار وكان صيام الأربعين قد دنا موعده. وكان غرضه من هذه الزيارة تعزية الرهبان وتقويتهم وقضاء عيد الفصح في وسطهم حيث كانت هذه عادة البطاركة. وقد قام بهذه الزيارة فعلا وخرج الرهبان من قلاليهم ليتلقوا بركته واستقبلوه باغتباط عظيم.
ويظهر أن برية شيهات كانت في هذا العهد كفردوس الرب فكانت عزيزة في قلب البطريرك أكثر مما كانت عند الرهبان أنفسهم.
ولما كان البربر قد نهبوا جميع ممتلكات الرهبان وهدموا كنائسهم وأحرقوا مساكنهم بعث البطريرك اليهم جميعا بخطاب يخبرهم فيه بأنه مستعد لتلبية أي طلب يقدمونه اليه وإعطائهم كل مايطلبون.
وقد تجمع بعد ذلك شمل الرهبان مرة أخرى وحمدوا الله على تجديد إنعاماته عليهم فسر البطريرك حين رأى أبناءه قد عادوا إلى مقرهم.
وكان قد شرع هذا البطريرك في الايام التي كان لايزال فيها كاهنا في بناء كنيسة باسم القديس سينيتيوس “Saint Sinuthius”
جنوبى كنيسة القديس مقار حيث كان الرهبان قد أخذوا يجتمعون للصلاة مكان الكنائس المهدومة. فاغتنم فرصة زيارته للصحراء وهو بطريرك لاتمام بنائها ولاعادة بناء الكنائس الأخرى.
وجاء في كتاب (تاريخ البطاركة) ص 652 وما بعدها أن عهد يوساب (يوسف) البطريرك الثاني والخمسين (عام830-849م) انقضى بسلام تام. فكانت الأديرة تتسع ويحل بها العمران وفي مقدمتها أديرة وادي هبيب التي كانت مثل فردوس الله ومن بينها على الاخص دير القديس مقار الكبير. وكان المولى جل شأنه يسدي إلى الرهبان المعونة وبالاخص الراهب سينيتيوس البار. فكان يظهر بواسطته أعاجيب عديدة كرامة له على ما قدمه للقديس مقار، حيث أقام باسمه نصبا تذكاريا وغرس كروما وبساتين، وبنى مطاحن ومعاصر للزيت، وأتى بجملة أعمال ذات فوائد جمة لايمكن احصاؤها. وقد سرت المؤمنين كثيرا اعماله هذه فساعدوه فيها بحسن نية فأدرك منها غرضه النبيل. وكان يوجد داخل هذا الدير المقدس عدد كبير من هؤلاء المؤمنين وغيرهم جذبتهم اليه أعاجيب سينيتيوس وصيتها. وقد جعل سينيتيوس هذا مدبرا للأديرة. فلما رأى عدد الرهبان يزداد يوما بعد يوم أقام كنيسة أخرى شرقى الكنيسة الكبيرة أطلق عليها اسم كنيسة القديسين وتلاميذهم. وأقام بها الزينات بعد أن أتم بناءها ودعا غبطة البطريرك الأنبا يوساب (يوسف) لزيارتها. فلبى هذا الحبر الجليل دعوته وسر كثيرا من مشاهدتها ودشنها في غزة برمودة من السنة السابعة عشرة من بطريركيته (سنة 847م).
وذكر كاترمير في رسالته عن مصر ج 1 ص 476 و477 أنه في عهد سانوتيوس (شنودة) البطريرك الخامس والخمسين (عام 859-881م) علم البربر أن هذا البطريرك عزم هو وحاشيته على زيارة وادي هبيب أثناء عيد الفصح. فقدموا سرا من الوجه القبلي واستولوا على كنيسة القديس مقار وتوابعها ونهبوا ما فيها من متاع وزاد. ومنها طافوا بالأديرة الأخرى وطردوا من فيها من رجال الدين وغيرهم بالقوة بعد أن جردوهم مما عليهم.
وذكر المؤلف المذكور أن هذه الأديرة عانت كثيرا من المصائب بعد ذلك بزمن يسير. فقد ألقى الاعراب رحالهم في الصحراء وأخذوا يرتقبون خروج الرهبان للتزود بالماء فينقضون عليهم ويأخذون أواني الماء منهم ويجردونهم مما عليهم. ولما عادت السكينة واستتب الأمن اهتم هذا البطريرك بترميم دير القديس مقار وأحاطه بسور منيع لحماية الرهبان والمسيحيين من أذى الاعراب في المستقبل.
وقد أتى هذا المؤلف على ذكر ما كان يصرف للاعراب من أجر لحراسة أديرة وادي هبيب في عهد زخارياس (زكريا) البطريرك الرابع والستين (عام 996-1028م).
Halaman tidak diketahui