فقال لها: «قومي غضب الله عليك ولعنك!»
وكان له قدح من بلور حسن الصنعة، وكان موضوعا بين يديه؛ فعثرت الجارية به فكسرته، فقال: «ويحك يا إبراهيم! أما ترى ما جاءت هذه الجارية، ثم ما كان من كسر القدح؟ والله ما أظن أمري إلا قد قرب!»
فقلت: «يديم الله ملكك ويعز سلطانك ويكبت عدوك.»
فما استتم الكلام حتى سمعنا صوتا: «قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.»
فقال: «يا إبراهيم، أما سمعت ما سمعت؟» قلت «ما سمعت شيئا!» - وكنت قد سمعت - قال: «تسمع حسا!» فدنوت من الشط فلم أر شيئا - ثم عاودنا الحديث فعاد الصوت بمثله ، فقام من مجلسه مغتما إلى مجلسه بالمدينة.
قال: «فما مضى إلا ليلة أو ليلتان حتى قتل.»
2
فانظر إلى هذه الحكاية المحزنة وتأمل قليلا، ألست ترى أن ضعف نفسيهما وحده هو السبب الأكبر في كل هذه الاستنتاجات؟ وتمثل كل ما حدث في تلك الليلة المروعة قد حدث في ليلة أنس وطرب؛ بل في ليلة عادية - إن شئت - أكانا يهتمان به كل هذا الاهتمام؟
وهذا الروع الذي أحسه إبراهيم المهدي - حين سمع اسم الجارية «ضعف» - هل كان يحس مثله إذا تبدل الموقف وكان انتصارا وفوزا؟ أولم تكن الجارية متقدمة عند الأمين؟ فكيف لم يتطير باسمها من قبل هذه المرة؟ وهل تحسبها غنت إلا ما حسبت أن مولاها يحبه؟ وكم غنته - هي أو غيرها - مثل هذه الأبيات فطرب وانتشى؟ ومن يدري فربما كان الأمين يميل إلى هذا النوع من الشعر المشجي، وكان هذا الميل مغريا الجارية على غناء تلك الأبيات؟ وتمثل الأمين عاقب مسيئا بالقتل على جرم فرط منه فخامره شيء من الندم - وإنه لكذلك - إذ غنته هذه الجارية نفسها هذا البيت بعينه؟
كليب لعمري كان أكثر ناصرا
Halaman tidak diketahui