ولما أصبح الصباح أكلنا وشربنا، حتى إذا جاء الليل صعدنا إلى شجرة أخرى فنمت بأعلاها، ونام رفيقي قريبا مني، وبعد قليل جاءت الحية فالتقمت رفيقي كما التقمت صاحبه بالأمس؟
كيف نجوت من الأفعى؟
فمكثت طول الليل خائفا حتى إذا أصبح الصباح هممت أن ألقي بنفسي في البحر، فمنعني من ذلك حب الحياة فتجلدت، ولما اقترب الليل أحضرت ألواحا من الخشب وشددت جسمي إليها شدا وثيقا، وجاءت الحية كعادتها تحاول أن تبتلعني - كما ابتلعت رفيقي - فحالت الألواح المشدودة حولي دون ذلك، وظلت طول الليل تحاول أن تجد منفذا إلي - من خلال الألواح - دون أن تظفر بطائل، فلما بدا الصباح عادت من حيث أتت، فحللت رباطي وخرجت من بين الخشب وأنا أحمد الله على السلامة.
الأمل بعد اليأس
وجلست على شاطئ البحر يائسا مهموما أفكر فيما حل بي من المصائب، فلمحت مركبا كبيرا - على مسافة بعيدة - فلم أزل أصرخ وأصيح مشيرا بيدي مرة، وملوحا بعمامتي مرة أخرى، حتى فطن إلي بعض من بالمركب؛ فاقتربوا من الجزيرة ورسوا على شاطئها، فسلمت عليهم فردوا علي السلام، وفرحت بلقائهم فرحا عظيما، وحملوني معهم وسألوني عن أمري، فقصصت عليهم كل ما حدث لي، فعجبوا من ذلك أشد العجب، وأطعموني وسقوني وأكرموني أحسن إكرام.
ربان السفينة
ولم يزل المركب سائرا بنا حتى بلغنا بلدا كبيرا، فقال لي الربان: «إن عندي بضاعة لرجل اسمه «السندباد البحري»، كان معنا ثم نسيناه في جزيرة مررنا بها.»
فتأملت الربان فعرفعته، وأخبرته أنني أنا «السندباد البحري» فلم يصدقني - أول الأمر - واجتمع التجار حولي، وكان من بينهم التاجر الذي تعلقت بذبيحته في رحلتي السابقة التي قصصتها عليكم، فلم يكد ينعم النظر في حتى عرفني، وقص عليهم ما حدث لي معه، فحدق الربان النظر في فعرفني وتحقق صدق قولي، فعانقني فرحا مسرورا.
في بغداد
وما زلنا ننتقل من بلد إلى بلد ومن جزيرة - وتجارتنا رابحة - حتى وصلنا إلى البصرة، ثم سافرت منها إلى بغداد ومعي أموال لا تحصى، وأقبل علي أهلي وأصحابي يهنئونني برجوعي سالما وقد فرحوا بي فرحا لا يوصف.
Halaman tidak diketahui