﴿سَأصْلِيهِ سَقَرَ﴾ .. وزاد هذا الوعيدَ تهويلًا بتجهيل سقر، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ﴾، إنها شيءٌ أعظمُ وأهولُ من الإدراك، ثم عَقَّب على التجهيل بشيءٍ من صفاتها أشدَّ هولًا: ﴿لا تبْقِي وَلا تَذَرُ﴾، فهي تَكنِس كنسًا، وتَبلعُ بلعًَا، وتمحو محوًا، فلا يقفُ لها شيء، ولا يقفُ وراءَها شيء، ولا يبقَى وراءَها شيء، ولا يفضلُ منها شيء" (^١).
هذا دين رفيع، لا يُعْرِضُ عنه إلاَّ مطموس، ولا يَعيبُه إلاَّ منكوس.
* وقال تعالى: ﴿وَقَالوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقرْآنُ عَلَى رَجُلٍ منَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمِ﴾ [الزخرف: ٣١].
° قال ابن عباس: "يعني بالعظيم: الوليد بن المغيرة القرشي، وحبيب ابن عمرو بن عمير الثقفي .. وبالقريتيْن: مكة والطائف".
° وقال قتادة: "الرجل: الوليد بن المغيرة قال: لو كان ما يقول محمدٌ حقًّا، أُنزل عليَّ هذا أو على ابن مسعود الثقفي" (^٢).
﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾.
° يقول -جَلَّ وعَزَّ-: أهؤلاء القائلون يا محمدُ، يَقسِمون رحمةَ ربِّك بين خَلْقه، فيجعلون كرامتَه لمن شاؤوا، وفَضْلَه عند مَن أرادوا، أم اللهُ الذي يَقسِمُ ذلك، فيُعطِيه مَن أحبَّ، ويَحرمُه من شاء؟.
قال: ﴿ونَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا﴾ يقول ﷿: بل نحن نقسمُ رَحمتَنا وكرامتَنا بين مَن شِئنا من خَلْقِنا، فنجعلُ مَن
(^١) "الظلال" (٦/ ٣٧٥٦).
(^٢) هو عروة بن مسعود الثقفي سيد أهل الطائف.