Asas Budaya untuk Bangsa: Hierarki, Perjanjian, dan Republik
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Genre-genre
يكشف تاريخ بني إسرائيل القدماء واليهود في الكتاب المقدس معاملات الرب مع شعبه المختار، ويقدم كذلك نماذج للمجتمع السياسي، سواء في حالة وجود ملك تقي أو عدم وجوده. ونتيجة لذلك، ظهر نموذجان من الأمم العهدية في القرن السابع عشر، أحدهما ملكي والآخر جمهوري. النموذج الأول تمثله اسكتلندا وإنجلترا في الجزء الأول من القرن السابع عشر، والنموذج الثاني تمثله المقاطعات المتحدة السبع الهولندية بعد معاهدة اتحاد أوترخت (1579)، بل على الأحرى بعد الهدنة مع إسبانيا منذ عام 1609، والكومنولث الإنجليزي في خمسينيات القرن السابع عشر. في النوع الأول كانت الأمة موحدة على أساس مثال العهد المزدوج بين الرب والشعب وبين الملك والشعب، في النوع الثاني كان يوجد عهد واحد يربط المجتمع مع الرب في كل جماعات المجتمع. وفي الحقيقة، كان يوجد تداخل بين هذين النوعين كما يوضح مثال الاسكتلنديين. على أي حال، تعايش العهد القومي مع الأمة العهدية الملكية، وسعى ذلك العهد القومي إلى دعمها، وعلى الرغم من الصراعات الكثيرة، فمن الممكن العثور على شيء من هذا القبيل في هولندا فيما يتعلق بأمراء أورانج. وقدم كلا النوعين من الأمة العهدية، لكن بدرجات متفاوتة، عنصرا رائجا في المجتمع السياسي، وهو أمر استبعد في النوع الهرمي الأول. ومن المؤكد أنه من الناحية العملية لم يكن عادة بإمكان أحد ضمان الدخول إلى الأمة السياسية سوى سكان المدن والتجار الأكثر ثراء، إلى جانب النبلاء ورجال الدين والمثقفين، وكذلك من الناحية العملية كان يوجد قدر قليل من الاختيار بالنسبة إلى الشخص المعهود إليه، مثلما لم يكن لبني إسرائيل اختيار مطلقا بعد الاتفاق المبدئي في سيناء. علاوة على ذلك، فمن الناحية العملية أيضا كان للمعيار العرقي المضمر دور مؤثر؛ فالمعهود إليهم كانوا ينتمون إلى مجتمع عرقي سياسي محدد، ولديهم إحساس بالهوية القومية النخبوية على أقل تقدير؛ فنجد أن رغبة المقاطعات الشمالية السبع الهولندية في استعادة المقاطعات الجنوبية الهولندية ترجع إلى التاريخ العرقي السياسي، بقدر ما ترجع إلى الدين أو إلى الصراع السياسي المباشر ضد أسرة هابسبورج.
48
لعل الأهم من الامتداد الاجتماعي لأمة العهد هو قوة الروابط التي دعمتها المعتقدات والممارسات الدينية لهذه الأمة. لقد كانت تلك الروابط غاية في القوة في بعض الحالات، حتى إننا يمكننا التحدث حقا عن تأثير «قومية العهد» في هذه الفترة. أنا لا أشير فحسب إلى تكوين اتحادات الكومنولث من خلال المعاهدات والتعهدات، على الرغم من أهميتها، بل يجب أن ننظر إلى الحركات المستمرة والشديدة الداعية إلى الاستقلال والوحدة والهوية التي ظهرت في هذه الفترة بحثا عن أمثلة مبكرة ل «القومية». تتمثل أهمية هذه الحركات لفهمنا للتقاليد الثقافية وسلالات الأمم في أمرين؛ يتعلق الأمر الأول بالأمثلة المبكرة للحركات القومية، والأمر الثاني يتعلق بالقنوات التي من خلالها انتقل تضامن دول العهد وتجدد.
ما الذي يمكننا قوله عن سمات «قوميات العهد» أو «القوميات العهدية»؟ نحتاج إلى أن نتذكر أنه على الرغم من اشتراكها في «المعتقد الأساسي»، فقد عبرت الأيديولوجيات والحركات القومية عن نفسها بطرق متنوعة في فترات تاريخية ومناطق ثقافية مختلفة. إذا يجب ألا نندهش إذا كانت قوميات العهد دينية ليس فقط شكلا من المنظور العام المتمثل في أن كل القوميات تأسست كنوع من الدين العلماني وكدين دنيوي للشعب، بل مضمونا من الناحية الجوهرية المتمثلة في تضمنها لدين روحاني معين قائم على الخلاص «من الخارج»، كما هي الحال بلا شك مع أنواع كثيرة من البروتستانتية. في هذا الصدد، كان الرب، وليس الأمة، هو صاحب السيادة في الكومنولث، حتى لو كان ذلك على نحو متزايد. كان الرب يعمل من خلال الكنائس الإلهية والأمم المختارة. علاوة على ذلك، لقد كانت المساواة بين المؤمنين، وليس المواطنين، هي ما يحظى بفائق الأهمية. رغم ذلك، فكما رأينا مع معتقد «الاختيار العام» لكالفين، فقد كان من المفيد بلا شك انتماء المؤمنين إلى مجتمع تاريخي واحد أوسع نطاقا - دولة مدينة، أو كانتون، أو مملكة، أو جمهورية - وقدرتهم جميعا على قراءة الكتاب المقدس نفسه وكتاب الصلاة نفسه بلغة محلية واحدة واتباع ليتورجية محلية واحدة، ومن ثم تكوين كنيسة واحدة ذات عهد، لكنها مختلطة، على غرار إسرائيل. ومعنى ذلك أن كل من ينتمي إلى مجتمع عرقي سياسي معين كانوا أعضاء محتملين من الأمة المختارة، لكن الأتقياء منهم فقط هم من كانوا من المحتمل خلاصهم من خلال هبة النعمة. وهم فقط من سيصبحون «البقية الصالحة» من إسرائيل الذين سوف يخلصهم الرب ويعيدهم إلى أرض الميعاد، وفقا للأنبياء القدماء. وهذا أيضا له نظيره في القوميات اللاحقة، حيث كان قادة وأعضاء الحركات القومية في المعتاد يرون أنفسهم (أو الفلاحين الذين يرونهم مثاليين) أكثر نقاء وأكثر «مصداقية» عن بقية سكان المدينة المشتركين معهم في العرق، والذين يمثلون في الغالب المكون الأساسي لهم.
من ناحية التركيبة الاجتماعية، فقد كانت قوميات العهد لا تختلف عن نظيرتها العلمانية اللاحقة. وهنا من المهم أن نتذكر أن قوميات القرن التاسع عشر كانت على نحو مميز حركات تقودها الأقلية؛ فخارج باريس كانت متاريس ثورات 1848 المعروفة باسم «ربيع الشعوب» يقف خلفها بعض مئات من المتمردين القوميين . وقارن ذلك بجيوش المتحمسين والأتقياء في اسكتلندا وإنجلترا وهولندا في القرن السابع عشر، حيث حاربت تلك الجيوش من أجل الأمة المختارة انطلاقا من المعتقد الأيديولوجي على أقل تقدير. بالإضافة إلى ذلك، فوجه الاختلاف بين المشاعر والحركات القومية النخبوية في فترة ما قبل الحداثة وبين القوميات الشعبية الحديثة لا ينطبق على قوميات العهد؛ فعلى الرغم من أن قيادات قوميات العهد كانت بلا شك تنتمي إلى الطبقة الوسطى في طبيعتها، كما هي الحال مع الحركات العلمانية اللاحقة، فقد جذبت قوميات العهد معتنقين من كل الطبقات، ربما باستثناء الفقراء الشديدي الفقر (الذين كانوا غائبين أيضا عن القوميات اللاحقة). ويمكن أن نأخذ فكرة عن تركيبة حركات المصلحين من تحقيق جيفري باركر عن الخلفية الاجتماعية ل «المهرطقين» المدانين في المقاطعات الخاضعة لحكم أسرة هابسبورج في جنوب هولندا في منتصف القرن السادس عشر؛ ذلك التحقيق الذي اكتشف أن حوالي خمسين في المائة منهم كانت أصولهم تعود إلى الطبقة الدنيا.
49
بالمثل، كانت البرامج والأهداف السياسية لقوميات العهد لا تقل تحديدا ووضوحا عن مثيلتها في القوميات الأكثر علمانية التي خلفتها لاحقا. ورأينا أن تلك البرامج والأهداف تتضمن أيضا التحرر من التدخل الخارجي والدفاع عن الكومنولث، وخلق مجتمع موحد يضم الأتقياء ويقوم على قانون واحد للانضباط الأخلاقي بما في ذلك حفظ السبت وقوانين الترف، واستعادة الكنيسة الحرة والحقيقية، وتطهير الكومنولث من أعدائه الداخليين، وتشجيع الحكم القوي الذي لديه القدرة والرغبة في شن الحرب ضد الفجار وكذلك الذين يهددون الكومنولث، اقتصاديا وعسكريا، بما فيهم الدول البروتستانتية الأخرى. بهذه الطريقة، تمكن قوميو العهد من تحفيز الناس من خلال الوعد بالاستقلال القومي والوحدة والهوية القومية كأمة مختارة لديها عهد مع الرب. وكان تركيز قوميات العهد على الجانب «السياسي» هو بالضبط ما جعل النموذج السياسي المذكور في أسفار موسى الخمسة وثيق الصلة للغاية؛ فهو اختيار غير مقيد من الرب لشعبه، إسرائيل الجديدة، وقبولهم له كرب لهم وقبولهم لأنفسهم كشعبه وموافقتهم على طاعة شريعته والالتزام بوصاياه، بوصفهم مجتمعا سياسيا للمؤمنين، وبوصفهم مؤمنين فرادى. بطبيعة الحال ، لم تكن هذه الأهداف السياسية موضحة في برامج مطبوعة أو في بيانات حزبية، بل كانت متداولة عبر الأطروحات والمنشورات، ويوعظ بها عبر المنابر، لكنها رغم ذلك لم تكن أقل قوة في التأثير أو في الانتشار الواسع. وعلى هذا النحو، مثلت برامج قومية العهد نوعا مبكرا من السياسة الشعبية في أوروبا في وقت كانت فيه شرعية الحكام تخضع للفحص والتدقيق على نحو متزايد، وكان الحق في التمرد يناقش على نطاق واسع. وبدأت «مصالح الأمة» كما يقول كرومويل تحظى بالأولوية على كل الاعتبارات الأخرى باستثناء تلك المتعلقة بالعناية الإلهية، وتزايد إدراك وجود تناغم متزايد بينها. وهذا يعني أننا يمكن أن نرى في هذا النوع من القومية ليس فقط طليعة وباكورة القوميات العلمانية اللاحقة، بل نرى أيضا مرحلة أولى ونموذجا أوليا للحركات التالية. ولهذه الأسباب، استمر التشبيه بإسرائيل لفترة طويلة؛ إذ امتد بالفعل إلى القرن الثامن عشر في دول بروتستانتية مثل إنجلترا وهولندا والسويد، وانتقل أيضا - كما سنرى - نموذج العهد المتمثل في إسرائيل القديمة، بمثله المتعلقة بالوحدة والمهمة والأرض المقدسة، إلى الحركات القومية اللاحقة في أنحاء أوروبا، بالإضافة إلى غيره من التقاليد الثقافية.
50
في الوقت نفسه، عززت هذه الانطلاقات الأولية للحماس القومي الديني الإحساس بالهوية القومية ووسعت كثيرا نطاق المشاعر القومية الموجودة بين السكان الذين لديهم تعريف ذاتي، ووضعت مثال الأمة التقية في طليعة التصورات والأفعال السياسية. وحتى إذا كانت اتحادات الكومنولث التي كونتها فشلت أو اختفت بعد فترة قصيرة، فإن ما دعمته تلك الاتحادات من إحساس بالاختيار القومي، ومثال الوحدة، والارتباط بالأرض؛ كانت له آثار مستمرة على الشعب المختار المقدور له تعزيزها؛ مما ساعد في إمدادهم بالثقة في النفس كقومية وبروح المبادرة والابتكار.
الفصل السادس
Halaman tidak diketahui