Asas Budaya untuk Bangsa: Hierarki, Perjanjian, dan Republik
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
Genre-genre
9
لذلك، في أطروحة «عن البلاغة في العامية» (دي فولجاري إيلوكونشيا)، تلك الأطروحة التي ظلت مفقودة لفترة، والتي يعود تاريخها إلى عامي 1304-1305 وتتحدث عن اللغة الإيطالية، يكشف دانتي:
مفهوما واضحا لأرض اسمها إيطاليا يتشارك سكانها في نوع من الثقافة. يشترك هؤلاء السكان، الذين يطلق عليهم دانتي «لاتينيين» أو «إيطاليين»، في ثقافة مشتركة، وتراث مشترك، ولغة مشتركة؛ ومن ثم فهم مختلفون عن الشعوب الأخرى أمثال الفرنسيين والهسبانيين. يوضح دانتي أن إيطاليا موحدة ثقافيا ويجب أن تسعى إلى أن تكون موحدة سياسيا. ورغم ذلك، فإن هذا المجتمع «الإيطالي» هو فقط أحد المجتمعات التي تخيلها دانتي الذي أحب دولة مدينة فلورنسا لكنه طالب بشدة في «مملكته» بإعادة تكوين الإمبراطورية الرومانية المقدسة.
10
في هذا الصدد، نرى كلا من ميوعة الهويات السياسية في العصور الوسطى والوجود المتخيل للهوية القومية. في الحقيقة، كان مفهوم الشخصية الإيطالية القومية، الذي يعد واحدا من شخصيات قومية كثيرة على هذه الشاكلة، قائما على اللغة والأصول المشتركة، وكذلك على القمع والاحتلال الحالي لإيطاليا من قبل القوى الأجنبية، رائجا لدى كثير من مفكري النهضة الإيطاليين في مناقشاتهم حول طبيعة اللغة الأدبية الإيطالية وجاذبيتها، مثلما كان رائجا عند معظم الأجانب. وهذا يعني أنه في بداية عصر الحداثة دار حوار استمر طويلا حول الهوية القومية الإيطالية التي نظرا لافتقارها إلى إطار سياسي موحد لم تتمكن إلا بعد وقت طويل من تقديم مقومات ثقافية للحركة السياسية الساعية إلى توحيد إيطاليا في فترة توحيد إيطاليا.
11
في فرنسا خلال القرن السادس عشر، كان ذلك الإطار السياسي موجودا بالفعل منذ عدة قرون؛ فمنذ القرن الثالث عشر، كانت فرنسا المكونة من إمارات تتوحد تدريجيا تحت التاج وتحت حكم ملكها «الأكثر مسيحية»، على الرغم من احتفاظ العديد من المناطق بعاداتها وقوانينها وثقافاتها، لا سيما في بريتاني وفي الجنوب. في القرن التالي، بدأ بعض المفكرين والمحامين في الفصل بين المملكة والأمة وبين شخصية الملك، وبحلول القرن الخامس عشر بدءوا يتصورون «فرنسا» كشخص؛ ففي العمل الأدبي الذي قدمه آلان شارتيه بعنوان «الحوار الرباعي المهين» نرى فرنسا سيدة من الأسرة المالكة، وأما حزينة توبخ أبناءها الثلاثة (الولايات المتنازعة)، بينما بالنسبة إلى جيرسون، كما رأينا في الفصل الأخير، فإن فرنسا تشبه حديقة منعزلة وخصبة وجميلة. في أواخر القرن الخامس عشر، تحت تأثير الإنسانونية الإيطالية، تزايد امتزاج فكرة «الأمة» الفرنسية بالمفهوم الكلاسيكي المتمثل في «الوطن»، وأعطيت كلتا الفكرتين محتوى ثقافيا وأدبيا وسياسيا أيضا. وبالفعل في سبعينيات القرن الرابع عشر، كان الإنسانويون أمثال جون دو إيدان، عند عودة البابوية من أفينيون إلى روما، قد عارضوا تأكيد بترارك على أنه خارج إيطاليا ليس ضروريا البحث عن الشعراء والخطباء. وبعد ذلك بقرن، أنتج روبرت جوجيان، متأثرا بحب بلده، مجموعة من الشخصيات الأدبية الفرنسية تعود إلى الغاليين الرومان والقديس جريجوريوس التوري. ورغم ذلك، فقد ظلت اللاتينية لهؤلاء الكتاب هي اللغة الأعلى المستخدمة في الأعمال الجادة. ولم يبدأ اعتبار اللغة الفرنسية الأدبية مكافئة لنظيرتها الإيطالية، ومن ثم ظهور الحاجة إلى الكتابة بالفرنسية (الأدبية)، إلا مع ظهور عمل «تناغم لغتين» عام 1511 للكاتب جون لومير المولود في بيلجي. وفي هذا النص، تصور فرنسا كأمة تضم أمما فرعية (بريتاني، وبورجونيا، إلخ)، تشبه كثيرا إيطاليا وأممها الفرعية، لكن في الحالة الفرنسية دعمت الوحدة السياسية الإحياء المرغوب للغة الفرنسية وثقافتها.
12
يعكس جواكيم دو بيليه في مقال «الدفاع عن اللغة الفرنسية وإبراز بيانها اللغوي» الذي كتبه عام 1549 موقفا سياسيا مشابها. في ذلك الوقت، كانت فكرة «نقل التعليم» التي سادت في القرون الوسطى، والمقصود بها نقل التعلم من أثينا إلى روما، وإلى باريس فيما بعد، مرتبطة بالقوة السياسية والعسكرية المتنامية، وفي مقال دو بيليه كانت فرنسا بصدد أن تشهد ازدهارا في القوة الثقافية متزامنا مع قوتها السياسية، وتزامنت فكرة «حب الوطن» مع فكرة «حب لغة الوطن». وفي الحروب الدينية اللاحقة، عندما اشتدت المشاعر المعادية للإيطاليين، لا سيما من الجانب البروتستانتي، أصبح المصطلح الفرنسي «وطن» منتشرا، واستخدم بدلا من المصطلح القديم «بلد»، أو استخدم إلى جانبه، ليشمل كل سكان مملكة فرنسا. وعلى الرغم من أن دو بيليه رأى أن مقال «الدفاع عن اللغة الفرنسية وإبراز بيانها اللغوي» مشروع ثقافي للنخبة مصمم من أجل أن يروق للملك الجديد هنري الثاني، فإن حججه الموضحة للتكافؤ الثقافي مع إيطاليا ومدحه المتحمس للفرنسيين وأخلاقهم وعاداتهم العليا دعم تأكيد النخبة للهوية القومية والارتباط ب «الوطن» الفرنسي، ذلك التأكيد النخبوي المدعوم من الدولة.
13
Halaman tidak diketahui