وأما المخالفة العملية للتكليف المعلوم بالإجمال كما لو علم بعد العلم بورود «لا تشرب الخمر» على نحو التكليف الفعلي بأن هذا الإناء خمر وذاك الإناء ماء أو بالعكس ، أو علم بعد العلم باجتنب عن النجس على نحو التكليف الفعلي بأن هذا نجس وذاك طاهر أو بالعكس هذا في الشبهة التحريمية وأما الوجوبية فكما لو علم بأن هذا الفعل واجب أو ذاك.
فيقع الكلام تارة في أن العلم الإجمالى بالتكليف الفعلي هل يؤثر أثرا وينجز على العالم شيئا ، أو هو كالعدم ويعامل مع الأطراف معاملة المشكوك البدوي فيجري في جميعها الأصل العملي وهو البراءة فيجوز أن يرتكب جميعها في التحريمية ويترك الجميع في الوجوبية؟
وربما يظهر من بعض كلمات المحقق القمي قدسسره في القوانين اختيار الثاني ، فجوز المخالفة القطعية على التدريج كشرب أحد الإنائين المشتبهين بالخمر أولا ثم شرب الآخر بعده ، وأما شرب الجميع دفعة فلا كلام في كونه شرب خمر محرما.
واخرى يقع بعد التنزل عن المقام الأول وتسليم عدم كونه بلا أثر واقتضاء أصلا ، بل له أثر واقتضاء في الجملة في أن هذا الأثر ما ذا؟ فهل يوجب حرمة المخالفة القطعية فقط ، فليس له في الشبهة التحريمية ارتكاب الجميع ولا في الوجوبية ترك الجميع ، ولكن لا يوجب وجوب الموافقة القطعية ، فيكفي في التحريمية ترك أحد الأطراف وإن أتى بالباقي ، وفي الوجوبية إتيان أحدها وإن ترك الباقي ، أو أنه يكون كالعلم التفصيلي؟ ، فكما يوجب حرمة المخالفة القطعية كذلك يوجب وجوب الموافقة القطعية أيضا ، والحاكم في هذين المقامين هو الوجدان.
فنقول : أما المقام الأول فصريح الوجدان هو الحكم ببطلان كون العلم الإجمالي حاله كالعدم في عدم تنجيز شيء على العالم أصلا ، ومعاملة الشك البدوي معه.
ألا ترى أنه لا فرق في عصيان لا تشرب الخمر واستحقاق العقوبة عقلا بين من علم تفصيلا بأن هذا خمر وشربه ، وبين من علم إجمالا بأن أحد الإنائين خمر وشربهما تدريجا ، فكما أن العقل مستقل باستحقاق الأول فكذلك يكون مستقلا به في
Halaman 410