398

هو غير مانع عن شمول دليل أصل الإباحة لو قلنا بعدم اختصاصه بما إذا كان أحد طرفي الشك التكليف والآخر اللاتكليف ، بل عمومه لكل ما إذا شك في الحرمة سواء كان طرفها الوجوب أم غيره ، والجمع بين الالتزام بالتكليف والالتزام بالإباحة على نحو قرر في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي.

هذا كله في ما إذا لم يمكن المخالفة القطعية العملية ولو تدريجا ، وأما لو أمكن بطريق التدريج فيقع الكلام في أن المخالفة القطعية الحاصلة بالتدريج ليست بمانعة عقلا عن إجراء الإباحة أو هي مانعة؟.

وليعلم أولا أنه ليس المراد بالتدريج مطلق الحصول في جزءين متعاقبين من الزمان ؛ لوضوح أن شرب الإنائين المشتبهين بالخمر أيضا تدريجي بهذا المعنى ، بل المراد التدريجية من حيث توجه التكليف بأن كان التكليف المعلوم مرددا بين ما يتوجه إلى المكلف في الحال ، وما يتوجه إليه في الاستقبال ، كما لو علم بأنه إما يجب عليه إكرام زيد في هذا اليوم أو إكرام عمرو فيما بعد أربعة أيام ؛ فإن الواجب إن كان الأول فهو في الحال يتنجز عليه التكليف ، وإن كان الثاني فهو في الحال غير مكلف ؛ إذ تنجز ذاك يتوقف على حضور ذاك الزمان.

وهذا موجود في الشبهة الحكمية ، كما لو شك في وجوب صلاة الجمعة في جميع الأسابيع أو حرمته في جميعها ، فلو صلاها في اسبوع وتركها في اسبوع آخر يعلم بملاحظة الزمانين بصدور المخالفة القطعية منه ؛ إذ يعلم بأنه إما أن يكون الفعل في الأول حراما أو الترك في الثاني ، فماله دخل في حصول المخالفة القطعية في هذا الفرض هو العلم بأنه إما يحرم في الاسبوع الأول وإما يجب في الاسبوع الثاني ، لوضوح أن العلم بالوجوب أو الحرمة في كل واحد من الاسبوعين منفردا لا دخل له في ذلك ؛ لعدم إمكان المخالفة القطعية من هذا الحيث.

إذا تقرر ذلك فقد يقال بأن المكلف في الاسبوع الأول لا يعلم بتوجه تكليف إليه ؛ لاحتمال أن تكون الصلاة في الاسبوع الثاني واجبة ؛ إذ على هذا التقدير لا يتوجه هذا التكليف التحريمي إليه في هذا الاسبوع ، ثم في الاسبوع الثاني أيضا

Halaman 401