المتصور خال عن خصوصية الزيدية والعمروية وكذا جميع الخصوصيات ، ووجودها في الأمر الخارجي غير مرتبط بالأمر المتصور الذهني.
فكما لا يضر هذا التجرد عن تلك الخصوصيات بالجزئية في هذا المعقول فكذا نقول في النكرة الواقعة موضوعا في الإنشاءات فنقول فيها أيضا بتصور معنى لا إمكان لأن ينطبق على كثيرين في عرض واحد ، بل كان انطباقه على واحد على البدل ، فرجل في قولنا : جئني برجل معناه رجل واحد بحيث إن كان زيدا لا يكون عمرا وإن كان عمرا لا يكون زيدا وإن كان بكرا لا يكون زيدا ولا عمرا ، فهذا أيضا لا محالة يكون جزئيا ؛ إذ معنى الكلي أن يكون المعنى ذا سعة لا يأبى بسببها عن الحمل على الكثيرين في عرض واحد ، ويتحمل الطرفية للإثنين وما فوق ، وهذا منتف فيما فرضناه ، ومجرد أن للمعقول في الصورة الاولى وفي الإخبارات واقعا له التشخص والتعين وهنا ليس له واقع كذلك لا يوجب الفرق بينهما ؛ إذ الجزئية والكلية من المعقولات الذهنية بلا كلام ولا إشكال ، فلا يعقل أن يكون للخارج دخل فيهما.
نعم فرق بين المعقول في المقامين من حيث إن الأول له تعيين عند الله وفي الثاني يكون التعيين بيد المكلف ويكون هو بالخيار في تعيينه ، مع أنه لو جعل الكلي خصوص ما يصدق على الكثيرين في عرض واحد بحيث لو كان في الطول كان جزئيا لزم عدم الفرق بين النكرة الواقعة في الإخبارات والواقعة في الإنشاءات في الجزئية كما ذكرنا ، وإن كان المراد بالكلي مطلق ما كان صادقا على الكثيرين وإن كان في الطول كان في كلا المقامين كليا ؛ إذ النكرة في الإخبار أيضا له الصدق بهذا النحو ، يعني ما تصوره المستعمل واستعمل اللفظ فيه معنى قابل لأن يصدق على كثيرين على البدل ، ففي جاء رجل من أقصى المدينة ، المتصور هو المعنى المتردد بين أفراد الرجل والمعرى عن جميع الخصوصيات وإن كان الجائي في الخارج هو خصوص الرجل المعهود وهو حبيب النجار.
وبالجملة ، فالتفرقة بين الإخبار والإنشاء بإثبات الجزئية للنكرة في الأول والكلية في الثاني غير متجه ، والحق كما عرفت هو اختصاص الكلية بالصدق العرضي
Halaman 323