318

برجل ، فكل من أفراد الرجل جيء به كان هو هو ، ولا يقال : إنه هو أو غيره ، وفي حال الصدق على فرد يصدق على غيره ، ولهذا قد يتوهم أن هذا المعنى كلي حقيقة على خلاف المعنى الأول ، بمعنى أن مادة النكرة تدل على طبيعة كلية والتنوين يدل على مفهوم الوحدة ، وهو أيضا كلي ، وضم الكلي إلى كلي لا يصيره جزئيا بل يصير كليا ثالثا مضيق الدائرة كما في الإنسان الأسود.

فمعنى «رجل » على هذا طبيعة الرجل مع قيد الوحدة ، وهذا معنى كلي ، نعم لا يصدق على اثنين فصاعدا من حيث المجموع ؛ إذ حينئذ يخرج عن فرديته ، فكما لا يصدق الإنسان على فرد البقر كذلك لا يصدق هذا المعنى المقيد بمفهوم الوحدة على ما هو فرد لمفهوم الاثنين أو ما فوقه ، نعم يصدق على الاثنين بعنوان أنه فردان منه ، وعلى الثلاثة بعنوان كونها ثلاثة أفراد وهكذا. وبعبارة أخرى الاثنان مثلا يكونان فردين لهذا المعنى ، ولا يكون فردا واحدا له.

ولكن يمكن دعوى كون النكرة مستعملة في كلا الموردين في معنى واحد وأنه لا اختلاف بحسبهما فيما استعمل فيه لفظ النكرة ، بل المستعمل فيه في كليهما جزئي حقيقي غير قابل الصدق على الكثيرين.

بيان ذلك أنه لا إشكال في كون الكلية والجزئية من صفات المعقول الذهني دون الخارج ؛ فإن المعقول الذهني إن كان بحيث يمكن انطباقه على كثيرين فهو كلي ، وإن امتنع واستحيل أن يصدق وينطبق إلا على شيء واحد فهو جزئي.

إذا عرفت هذا فلا إشكال حينئذ أنه لو راى الإنسان شبحا من بعيد وتردد عنده بين أن يكون بقرا أو إنسانا فالمعقول في ذهنه صورة منطبقة على هذا الشبح محدودة بالحدود المعينة ، لكن ليس فيه اعتبار الزيدية ولا العمروية بل ولا كونه إنسانا ولا بقرا ، وكون أحد هذه الأشياء ثابتا في الواقع لا ربط له بالصورة المنقشة في الذهن ، ومع ذلك فهل ترى صدقه على كثيرين ، بل يحكم بأن هذه الصورة جزئي لا يصدق إلا على شيء واحد فقط ، فإذا كانت هذه الصورة جزئيا كما هو الموجود في الاستعمال الأول فكذلك الصورة التي نتصوره أولا قبل رؤية شبح في الخارج و

Halaman 321