الوجود عن العرض المنتسب إلى الموضوع باعتبار كونه ماهية معراتا عن الوجود والعدم ، وفرق بين هذين بحسب الحقيقة أعني سلب العرض عن الموضوع الموجود وسلب الوجود عن العرض المنتسب إلى الموضوع المأخوذ ماهية.
فتارة يقال : الزيد وينظر إليه بنظر الفراغ عن وجوده التحقيقي أو التقديري ليس له القيام ، واخرى يقال : قيام الزيد وينظر إلى ماهية الزيد بدون اعتبار الوجود أصلا ليس بموجود في العالم ، فهذا إن لم يكن الزيد موجودا يكون صادقا ، وإن كان موجودا ولم يكن قائما أيضا يكون صادقا ، والتعبير الحاكي عن هذا قولنا : ليس زيد قائما ، فكأنه قيل: ليست هذه القضية بموجودة ، كما أن التعبير الحاكي عن الأول : زيد ليس بموجود ، ويقال له باصطلاح المنطقيين : القضية الموجبة السالبة المحمول.
إذا عرفت هذا فنقول : السلب على النحو الأول ليس له حالة سابقة بالعرض ، والثاني وإن كان له حالة سابقة ، لكن لم يؤخذ في الدليل موضوعا في الغالب ، وإثبات الأول باستصحاب الثاني لا يتم إلا على الأصل المثبت ، مثلا عموم ما دل على أن منتهى الحيض في كل مرأة هو الخمسون قد خصص بالقرشية ، فيصير مفادها بعد هذا التخصيص أن كل مرأة لا تكون قرشية ترى الحمرة إلى الخمسين ، ولا شك أن هذا السلب إنما هو على نحو السلب بانتفاء المحمول عن الموضوع المفروغ الوجود ، وهذا ليس له في المرأة المشكوكة حالة سابقة ؛ إذ لم يصدق في زمان أن هذه المرأة ليست بقرشية قطعا ، بل الشك سار إلى أول أزمنة وجودها.
نعم استصحاب عدم تحقق النسبة بين هذه المرأة وبين القريش كان له حالة سابقة ، لكن المفروض أن المستفاد من الدليل هو السلب على النحو الآخر لا على هذا النحو ، فهذا السلب لا أثر له شرعا.
وبعبارة اخرى ليس الأثر لعدم تحقق النسبة بين المرأة والقريش ، بل لعدم كون المرأة الموجودة إما فعلا وإما تقديرا قرشية ، والاستصحاب إنما هو جار في الأول دون الثاني ، وحيث إن الغالب في القضايا السالبة الشرعية هو كون السلب مأخوذا
Halaman 294