287

في الحكم ، فالظاهر من أكرم العلماء الذي هو بمنزلة أكرم العلماء سواء كانوا معلوم العدالة أو مشكوك العدالة والفسق أن المشكوكية ليست مناطا لحكم أكرم ، فعلم أنه قدسسره وإن أتعب قلمه الشريف في توجيه ما قاله لكنه مخدوش ثبوتا وإثباتا ، ومن هنا يظهر أن الحق عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

نعم قد يكون التمسك بالعام في الشبهة المصداقية جائزا وهو مشروط بشرطين ، الأول : أن يكون النسبة بين الدليلين هو العموم من وجه لا مطلقا مثل أكرم العلماء ولا تكرم الفساق ، والثاني : احتمال أن يكون المتكلم مستقصيا في أفراد كل من العامين وعالما بعدم تداخلهما في فرد ، مثلا لو قال : أضف جميع علماء البلد وقال في مقام آخر : أهن كل فاسق هذا البلد واحتملنا أنه تفحص بين علماء البلد فلم يجد فيهم فاسق ، وتفحص بين فساقهم فلم يجد فيهم عالم فحينئذ نحتمل في العالم المشكوك الفسق أن يكون مريدا جديا لإكرامه ويكون الإرادة الجدية بالنسبة إليه محفوظة ، فيكون المقام مقام أصالة العموم ، لكن هذا في القضايا اللفظية التي لا تتعرض لحال المستقبل والأفراد المقدرة الحاصلة فيما بعد كالمثال المذكور.

وبعبارة اخرى تكون خارجية لا حقيقية ، أو تتعرض لها وتكون حقيقية لكن كان المتكلم عالما بالغيب واحتمل أنه في هذه القضية أعمل علمه بالغيب وأصدر الكلام مبنيا عليه.

وأما لو كان متعرضا لحال ما يأتي من الأفراد ولم يكن المتكلم عالما بالغيب أو كان وعلمنا أنه في هذه القضية لم يعمل علمه بالغيب كما في ألفاظ الشارع عند بيان الأحكام الشرعية فليس في البين احتمال أن تكون الإرادة الجدية محفوظة بالنسبة إلى الفرد المشكوك.

وكذا لو لم يكن بينهما عموم من وجه ، بل كان عموما مطلقا كقوله : أكرم العلماء ولا تكرم الفساق من العلماء ؛ إذ مع وجود الخاص لا يحتمل أن يكون المتكلم مستقصيا لأفراد العام وحاكما على كل منها باعتبار عدم وجدانه شيئا منها معنونا بعنوان الخاص ؛ إذ لو كان كذلك لم يتكلم بالخاص.

Halaman 290