وإذن فلا فرق في جريانه بين ما إذا كان الغاية قيدا للحكم ، وما إذا كان قيدا للعمل ، فيقال في مثل قولك : اجلس في المسجد من الصبح إلى الظهر : إن حكم وجوب الجلوس بحسب مفاد كلمة «إلى» هل هو مستمر إلى الآن الواقع قبل الظهر المتصل به فيرتفع في هذا الآن ، أو أنه يستمر إلى ما بعد دخول الظهر ويرتفع حينئذ ، كما يقال في مثل قولك : سر من البصرة إلى الكوفة : إن السير بحسب مفادها لا بد وأن يشمل جزء من الكوفة أو يكفي اختتامه في المكان الغير المحسوب من الكوفة عرفا المتصل بها.
وحينئذ فالاستدلال للخروج بأن غاية الشيء حده وحد الشيء خارج عنه ، لا مساس له بمحل الكلام ، والظاهر الدخول في الغاية كما هو الحال في المبدا ، فالمسير من البصرة إلى الكوفة لا يتحقق إلا بالمسير المبتدإ في جزء من البصرة المنتهى في جزء من الكوفة وهكذا.
«فصل»
الظاهر أن القضية الاستثنائية دالة على الحصر بلا إشكال ، ولذا اشتهر أن الاستثناء من الإثبات يفيد النفي ومن النفي يفيد الإثبات ، نعم هنا كلام آخر وهو أن هذا الحصر هل هو مستفاد من نفس الأداة حتى أن قولنا : إلا زيد بمنزلة قولنا : أستثني زيدا لا غير ، أو أن الأداة لا يفيد سوى الإخراج وليس إلا بمنزلة قولنا : أستثني ، والحصر مستفاد من مجموع الجملتين ، بل ليس الحصر في الحقيقة إلا عبارة عما هو مفاد الجملتين منطوقا ، ففي قولنا : جاءني القوم إلا زيدا ليس الحصر إلا مجيء جميع من سوى زيد وعدم مجيء زيد والجزء الأول دل عليه الحكم المعلق على العام المستثنى منه ، والثاني دل عليه الأداة ، فليس الحصر مدلولا ثالثا حتى يجعل من باب المفهوم على هذا الاحتمال.
وكيف كان فليس النزاع في ذلك بعد فرض كون استفادة الحصر مسلمة بمهم وإن كان الظاهر هو الوجه الثاني ، وتظهر الثمرة فيما لو ورد مخصص منفصل
Halaman 271