214

وحينئذ فما وجه الكلام الأول الفارق بين صورتي كون الاضطرار بمقدمة غير اختيارية وكونه بمقدمة اختيارية بالقول في الاولى بوجود الأمر وتخصيص الثانية بالاشكال ثم اختيار عدم الأمر؟.

فإن قلت : إثبات الأمر لغلبة ملاكه في مثال من صلى حال الخروج إنما هو بالنسبة إلى حيث الصلاتي ، ونفيه لمكان سوء الاختيار إنما هو بالنسبة إلى حيث الخروجي ، فلا نقض.

قلت : لا يجدي تعدد الحيثية على القول بالامتناع ، والمفروض أنه قدسسره قائل به ، فيقول الخروج المتحد مع الصلاة في الخروج يكون مأمورا به من أول الأمر لغلبة ملاك الأمر ، فكذا شرب الخمر في المثال المذكور.

ثم أنه قدسسره في صدر هذا الأمر قسم الاضطرار إلى الحرام إلى ما كان بمقدمة غير اختيارية وما كان بمقدمة اختيارية ، وقسم الثاني إلى ما إذا كان المضطر إليه مقدمة غير منحصرة للواجب ، وما إذا كان مقدمة منحصرة له ، فجزم في القسم الأول بتأثير ملاك الأمر ، وفي الأول من قسمي القسم الثاني بعدم تأثيره ، واستشكل في ثانيهما ، ثم اختار عدم التأثير ، ومقتضى إطلاق كلامه في القسم الأول عدم الفرق بين ما إذا كان المضطر إليه مقدمة منحصرة وما إذا كان مقدمة غير منحصرة.

وأنت خبير بأنه في صورة كونه مقدمة غير منحصرة للواجب يتعين الوجوب في المقدمة الاخرى بلا إشكال ، مثاله من وقع في الأرض المغصوبة بغير اختياره وكان لخروجه منها طريقان أحدهما مباح والآخر مغصوب ؛ فإن المتعين حينئذ اختيار الطريق المباح.

هذا كله على تقدير أن يكون المراد الاضطرار الابتدائي ، وأما لو كان المراد الاضطرار حين العمل والارتكاب فيرد على تقسيمه قدسسره المضطر إليه في القسم الثاني إلى المقدمة المنحصرة وغيرها أنه كيف يتصور كون الفعل المتصف بالاضطرار حين وقوعه غير منحصر فيه؟.

Halaman 217