200

الإتيان الخارجي.

قلت : الجواب أولا : بالنقض بالكلي الطبيعي فنقول : قد يلحظ الطبيعة في الذهن معراتا عن الوجود والعدم فيقال بأنها ليس إلا هي ، وقد يلحظ بلحاظ الوجود فيحكم بأنها كلي ، فالمراد بالطبيعة التي يحكم عليها بالكلية ما ذا؟ لا يعقل أن يكون المراد الطبيعة بوجودها الخارجي ؛ إذا الخارجي ليس إلا جزئيا ، ولا هي بوجودها الذهني ، إذ الوجود الذهني أيضا جزئي من الجزئيات ومباين للخارجيات فلا ينطبق عليها ، ولا هي معراتا عن الوجودين ؛ فإنها حينئذ لا يكون جزئيا ولا كليا.

وثانيا : بالحل وهو مشترك بين المقامين وهو : أن الوجود الذهني تارة يعتبر بالمعنى الاسمي وهذا واضح ، واخرى بالمعنى الحرفي أي بأن يكون آلة لرؤية الخارج ؛ فإن الذهن صفحة يرى بها الخارج ويحكي عنه ، فالناظر بهذا النظر كأنه يرى الخارج بنفسه ، فالوجود الذي يوجد قيدا للطبيعة في كلا المقامين أي مقام عروض الكلية ومقام تعلق الطلب هو الوجود الذهني الملحوظ باللحاظ الحاكي ، فوجود الإنسان الملحوظ باللحاظ الحاكي يحكم بأنه موجود في زيد وعمرو وبكر ، وهذا معنى كليته وإن كان لو لوحظ بما هو موجود في الذهن كان جزئيا وباين الخارج ، بل الملحوظ للاحظ آخر ، بل لهذا اللاحظ بلحاظ آخر.

وكذلك وجود الصلاة الملحوظ في الذهن باللحاظ المرآتي متعلق للطلب لا بما هو ملحوظ في الذهن ، وحينئذ فلا جرم لا يحصل امتثاله إلا بالعمل الخارجي ؛ إذ ملحوظ الآمر بهذا اللحاظ لا ينطبق إلا عليه ، وعرض هذه الطبيعة وهو المطلوبية لا يسري إلى الفرد كما هو الحال في وصف الكلية.

فإن قلت : إذا كان متعلق الطلب وجود الطبيعة الملحوظ باللحاظ الحاكي يجب أن يسري المطلوبية منها إلى الفرد لمكان العينية ؛ فإن اللاحظ بهذا اللحاظ يرى الطبيعة عين الأفراد في الخارج.

قلت : الأجزاء التحليلية المتجزاة عند العقل التي يحكم باتحاد بعضها مع بعض في الخارج كما في كل واحد ، وهي خصوصيات يجزئ العقل خصوصياته ويحكم

Halaman 203