198

واخرى ابتنائه على النزاع في تعدد الجنس والفصل ووحدتهما والأول ملازم للجواز والثاني للامتناع.

والحق خطاء كلا التوهمين

أما الأول فلأنه لا ريب في أن الشيء الواحد كما لا يعقل أن يكون له أزيد من وجود واحد كذلك لا يعقل أن يكون له أزيد من ماهية واحدة ؛ فإن الماهية عبارة عن المقول في جواب ما هو الذي هو سؤال عن حقيقة الشيء ونوعه ، ومن الواضح أنه لا يمكن أن يكون للشيء الواحد إلا نوع واحد.

نعم يصح حمل العناوين المتعددة على موضوع واحد إلا أنه لا يمكن أن يكون كلها ماهيات له ، بل لا بد من كون كلها أو ما سوى الواحد منها عرضيات.

وأما الثاني فلأن العنوانين المجتمعين في موضوع واحد لا دخل لهما بالجنس والفصل ، مثلا الحركة الخاصة في الدار المغصوبة بأي كيفية تكيفت وفي أي مكان تحققت لها جنس وفصل ، وعنوان الصلاة عرضي قد انتزع من كيفياتها الخاصة مع قصد القربة ، وكذا عنوان الغصب عرضي قد انتزع من اضافتها إلى دار الغير.

إذا عرفت ذلك فلنشرع في برهان كل من القولين ، فنقول وعلى الله التوكل : أقوى ما احتج به للقول بالجواز هو أن المقتضي موجود والمانع مفقود ، لا نزاع في وجود المقتضي لما عرفت من أن محل الكلام ما إذا كان ملاك كل من الأمر والنهي موجودا في مورد التصادق ، إنما النزاع في وجود المانع وهو لزوم اجتماع الضدين من الأمر والنهي ومباديهما من الحب والبغض والمصلحة والمفسدة في شيء واحد وهو الوجود الخارجي وعدمه ، والحق عدمه.

وبيانه يحتاج إلى مقدمة وهي : أن الأعراض على ما ذكره أهل المعقول منحصرة في ثلاثة أقسام :

الأول : ما يكون عروضه واتصافه في الخارج كحرارة النار وبرودة الماء.

والثاني : ما يكون عروضه في الذهن واتصافه في الخارج ، والمراد بكون العروض في الذهن عدم وجود ما يكون بحذائه في الخارج كالابوة والبنوة والفوقية

Halaman 201